إنشاء مركز خاص بالذكاء الاصطناعي يعزز الاقتصاد الرقمي في السعودية

على خلفية ارتفاع الطلب على الذكاء الاصطناعي الذي من المقرر أن يلعب دوراً متزايد الأهمية في دفع الاقتصاد السعودي في المستقبل، وفي محاولة لتسريع نمو التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، جاء قرار مجلس الوزراء السعودي بإنشاء مركز دولي لأبحاث وأخلاقيات هذا القطاع، ما من شأنه أن يعزز دور البلاد إقليمياً وعالمياً.

المركز الجديد جاء عقب إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» في 2019، في تأكيد على مضي البلاد نحو تبني هذه التقنية والتصدي لمخاطرها كافة في المستقبل.

وكانت شركة الاستشارات العالمية «بي دبليو سي» (PWC) توقعت منذ أيام في تقرير لها حول «الذكاء الاصطناعي في السعودية»، أن يساهم الذكاء الاصطناعي بمبلغ 135 مليار دولار في الاقتصاد السعودي عام 2030، مما يجعل المملكة أكبر مستفيد من التكنولوجيا في الشرق الأوسط. وذكر أنه في خضم الجهود الهائلة التي تبذلها الحكومة السعودية من أجل الرقمنة والتكنولوجيا المستقبلية، ستشهد المملكة ارتفاع مساهمة الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 12.4 في المائة في عام 2030.

ومن حيث متوسط النمو السنوي في مساهمة الذكاء الاصطناعي حسب المنطقة، من المتوقع أن تكون حصة السعودية 31.3 في المائة في توسع التكنولوجيا بين 2018 و 2030.

تضيف الشركة العالمية أن «رؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 يحددان التحول الرقمي كهدف رئيسي لتنشيط القطاعات الاقتصادية، ودعم الصناعات وكيانات القطاع الخاص، والدعوة إلى تطوير نماذج الأعمال بين القطاعين العام والخاص، والحد في نهاية المطاف من اعتماد البلاد على عائدات النفط من خلال تنويع الاقتصاد».

ويرى خبراء لـ«الشرق الأوسط» أن إنشاء المركز الجديد يعزز دور المملكة القيادي الإيجابي الفاعل في الصناعة التي تكتسح العالم ويعزز الاقتصاد الرقمي، إلى جانب تحسين الجهود البحثية وتحقيق الاستخدام المسؤول.

القطاع الحكومي

وقال العضو المنتدب لشركة القاضي للتجارة والصناعة الخبير في الذكاء الاصطناعي، الدكتور فيصل القاضي لـ«الشرق الأوسط»، إن إنشاء المركز الدولي الجديد يؤكد اهتمام المملكة الجاد في تبني التقنية وتطبيقاتها وتحدياتها، وتأكيداً على دورها القيادي الإيجابي الفاعل في هذه الصناعة.

وأضاف القاضي أن المملكة من خلال مؤسساتها المعنية، بما فيها «سدايا» وهيئة الحكومة الرقمية، تبنّت واستغلت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العديد من الخدمات والتحليلات والاستنتاجات، والأتمتة، والقياس وغيرها.

ولفت إلى أن القطاع الحكومي في المملكة هو القائد الفعلي والمستخدم الرئيسي لهذه التطبيقات وليس القطاع الخاص، بخلاف البلدان الأخرى.

واستطرد العضو المنتدب لشركة القاضي للتجارة والصناعة، قائلاً: «إن التقنية بقدر ما توفر من فرص، فهي تجلب العديد من التحديات الجديدة التي لم تكن معروفة سابقاً، وبالتالي أدركت المملكة تلك المخاطر بإنشاء المركز الجديد ليساهم في معالجة هذه المعضلة ذات الوجهين».

وأوضح أن التوجه العالمي للمركز جاء بناءً على طبيعة التقنية ويعنى بالبحوث والأخلاقيات، متوقعاً أن يكون تركيزه على دعم الأبحاث وتبني نتائجها عالمياً.

الاقتصاد الرقمي

من جانبه، أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة جدة، الدكتور سالم باعجاجة لـ«الشرق الأوسط»، أن قرار مجلس الوزراء السعودي إنشاء مركز دولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، يأتي في إطار الجهود المتواصلة للبقاء في طليعة الابتكار والتقدم.

ولفت إلى أن المركز يعد الأول من نوعه في العالم ويعزز توجه البلاد نحو تسارع الخطوات لاستشراف المستقبل والاستفادة الكاملة من التقنيات الحديثة.

وأفاد باعجاجة، أن المركز الجديد يسهم في نمو الاقتصاد الرقمي ليعود إيجاباً على الناتج المحلي الإجمالي في ظل تحركات السعودية نحو مواكبة أحدث التقنيات حول العالم.

وزاد أستاذ الاقتصاد في جامعة جدة، أن المركز سيعمل على سن وتطوير تشريعات تضبط التحول في تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ويعزز المركز دور المملكة إقليمياً ودولياً في مجال الذكاء الاصطناعي بما يضمن تعزيز الجهود البحثية، وتحقيق الاستخدام المسؤول لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ويتسق وجود المركز مع مُستهدفات رؤية «2030» في ظل الدعم غير المحدود لجعل المملكة مركزاً تقنياً عالمياً لأحدث التقنيات المتقدمة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي. وأطلقت السعودية خلال أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثانية بمدينة الرياض، الذي عقد في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ضمن حزمة من المشروعات والمبادرات التي تسهم في تعزيز ريادة البلاد عالمياً في الصناعة وتحقيق تطلعات «رؤية 2030».