تعويض نهاية الخدمة… خسارة توازي 90 بالمئة!

لم تعد حتى الأماني والأحلام في لبنان قادرة على الإستمرار، ولم يعد هناك من متسع لأي خطة كان اللبناني قد خطها في شبابه أو حلم بها لإختتام حياته في بلد يرمي شيبه لمصيرهم دون أي ضمان شيخوخة يصون كرامتهم.

في هذا السياق، أكّد رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أن «لا خوف على وضع الصندوق وملاءته كبيرة، إذ تتجاوز أموال نهاية الخدمة فيه 14 مليار ليرة لبنانية، وكل المضمونين حتى الساعة يتمكنون من الحصول على حقوقهم كاملة، قد تكون أموال نهاية الخدمة للموظفين متوافرة، ولكن متوافرة بالعملة اللبنانية وعلى سعر صرف يوازي ١٥٠٠ ليرة لبنانية مقابل كل دولار، فلا يلام الصندوق، كما ولا يمكن أن يلام المواطن في ظل فوضى النقد التي أتت على كل ما هو موجود في بلد الألف مشكلة واللاحل،.

ويروي المواطن الجنوبي السيد حسين. هـ ل «الديار» قصته :افنيتُ من عمري أربع وعشرون عاما كعامل في أحد الافران بدوام ليلي، نسيتُ خلالها كيف تبدو الأيام خلال الصيف والشتاء. تحمّلتُ ظروف العمل الشاقة بجانب الفرن في غرفة صغيرة تمتلئ بالدخان الأسود والحرارة العالية، وكنتُ امضي اكثر من عشر ساعات في العمل يومياً وقوفاً على قدميّ دون أن يتسنى لي أن «احك براسي» كي لا اؤخر سير العمل السريع.

عمل حسين هذا إنعكس عليه أمراضاً مزمنة في الرئتين، وعانى من آلام حادة في القدمين وتشنجات دائمة تؤرق نومه في النهار، وكل هذا التعب كان مقابله ثلاثون ألف ليرة لبنانية في اليوم فقط لا غير، أي ما كان يعادل قبل الأزمة عشرون دولار.

تهاوت حياة حسين أمام ناظريه، كمن مرّ وخطف سنين شقاه في بضعة ساعات. هذا ما حصل فعلاً عندما قرر هذا العامل اللبناني أن ينقذ تعويض نهاية الخدمة في ظل مخاوف سادت لدى الجميع عن إنهيار للدولة ومؤسساتها، فهرول مطالبا بالحصول على المبلغ الذي حلم به طول ليالي الشتاء الباردة والصيف الحارة في ذلك المخبز البائس القابع في قرية جنوبية ساحلية صغيرة.

بعد اسابيع طويلة من المعاملات والأوراق، تمكن حسين من تحصيل تعويض نهاية الخدمة، تمكن من تحصيل ٢٢٬٠٠٠٬٠٠٠ ليرة لبنانية فقط لا غير، كما ذُيّل الشك المصرفي. ما كان سوف يكون موازياً ل ١٤٬٥٠٠ دولار أميركي، أصبح يوازي ١٬٥٠٠ دولار أميركي. لم يخسر حسين ١٣٬٠٠٠ دولار فقط، لقد خسر سنين شبابه، وصحته، وشيخوخته، وليالي طويلة بعيداً عن زوجته وأطفاله. اليوم يكاد تعويض حسين ينفذ لأن يوميته التي لا تتجاوز ٣٫٥ دولار أميركي بالكاد تكفيه القليل من الجبن والحليب والسكر لطاولة الفطور فقط.

وعن اعادة النظر بقيمة تعويضات نهاية الخدمة، أوضح رئيس الديوان والمدير المالي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي شوقي ابو ناصيف في حديث صحافي منذ تسعة أشهر، انه استتبعت الاجتماعات التي عقدت مع رئيس الحكومة، ووزير المالية باجتماع عقد مع ​حاكم مصرف لبنان رياض سلامة​ ومدير عام الصندوق الدكتور محمد كركي و​رئيس الاتحاد العمالي العام​ الدكتور بشارة الاسمر، و تم طرح موضوع تحويل تعويضات نهاية الخدمة المقبوضة الى دولار الاميركي على اساس سعر الصرف الرسمي للمحافظة على القيمة الشرائية لهذه التعويضات، وقد رّحب الحاكم بهذه الفكرة وطلب دراسة مالية حول قيمة التعويضات المسحوبة منذ بداية العام ٢٠٢٠ وعدد الطلبات وغيرها، وانه تم انجاز هذه الدراسة وارسلت بكتاب رسمي الى مصرف لبنان، وبدأ المصرف المركزي بمناقشة هذه الآلية وقد قطعت شوطا كبيرا، وما زال الجميع بانتظار صدور القرار اللازم من المصرف.

 

مصدرجريدة الديار - رجاء الخطيب
المادة السابقةوزني أعطى توجيهاته بدفع مستحقات البلديات
المقالة القادمةانطلاق المرحلة الأولى من المساعدة التقنية الممولة من الاتحاد الأوروبي لوضع دفتر الشروط المرتبط بمناقصة السكانر