رحلة عالمية محفوفة بالمطبات لتنظيف الشحن البحري

اتفق الأعضاء في المنظمة البحرية الدولية الجمعة بعد مناقشات ماراثونية احتضنتها وكالة الشحن التابعة للأمم المتحدة في لندن على خطة تحدد صافي انبعاثات صفرية مستهدفة في هذه الصناعة بحلول عام 2050 مع مراعاة الظروف المختلفة لكل دولة.

وتدعو الخطة إلى اعتماد “نقاط تفتيش إرشادية” لتقليل إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة السنوية من الشحن الدولي بنسبة تصل إلى 20 في المئة على الأقل، والسعي لتحقيق 30 في المئة بحلول نهاية العقد الحالي، مقارنة بعام 2008.

وكذلك تهدف إلى خفض إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة السنوية بنسبة 80 في المئة بحلول 2040 التي يبدو أنها صعبة بدليل حجم الضغوط المسلطة على دول المحيط الهادئ لتحقيق أهداف أكثر طموحًا.

وينظر البعض إلى الخطوة على أنها أحد المفاتيح المهمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، لكن شقا آخر يرى أن المسار الذي تم اتخاذه قد لا يكفي من أجل بلوغ الأهداف بالنظر إلى التحديات الهائلة التي تعترض القطاع.

ولذلك يرى الخبراء أن الصناعة يجب أن تخفض انبعاثاتها بنسبة 45 في المئة بحلول 2030 وأن تصل إلى صافي الصفر في غضون ثلاثة عقود لتظل على المسار الصحيح.

وتعليقا على الإستراتيجية الجديدة قال جون ماغز رئيس تحالف الشحن البيئي النظيف إن “مستوى الطموح المتفق عليه أقل بكثير مما هو مطلوب للتأكد من إبقاء درجة الحرارة العالمية أقل من 1.5 درجة مئوية”.

وسبق أن حذر من أن الهدف الذي سيقع على مدى ثلاثين عاما القادمة ليس كافيًا، وهو أمر ردده الخبراء والوكالات الدولية بأن أهداف 2030 و2040 ضرورية.

وأكد ماغز وهو مدير سياسة الشحن في شركة سييز آت ريسك، أنه ”بدون اتخاذ إجراءات فورية وتخفيضات كبيرة قبل عام 2030، تصبح المهمة شبه مستحيلة دون حدوث اضطراب كبير في الصناعة”.

وشدد أيضا على أنه لطالما كانت المجموعة أقل ممثل في صناعة السفن طموحا وأقل قاسم مشترك، وأن التفكير في أنه قد يتعين عليها فعل شيء مهم قريبا أمر قد يحد من أعمالها.

وواجه القطاع، الذي يتعامل مع نحو 90 في المئة من التجارة العالمية ويمثل ما يقرب من 3 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، ضغوطا من دعاة حماية البيئة والمستثمرين لتقديم المزيد من الإجراءات الملموسة، بما في ذلك ضريبة الكربون.

ويبدو دعاة حماية البيئة وبعض الدول التي تضغط من أجل أهداف أكثر طموحا غير راضين عن الصفقة التي لا تحدد عام 2050 كموعد نهائي ثابت للانبعاثات الصفرية الصافية أو تتماشى مع حد الاحترار المنصوص عليه في اتفاقية باريس.

ويشير أحد التحليلات إلى أن كلا من الأهداف المؤقتة الأقل طموحا ستشهد أن صناعة النقل البحري تستخدم ميزانيتها الكربونية، وهو حساب لكمية الانبعاثات التي يمكن للصناعات والبلدان أن تنبعث منها قبل اختراق حدود الاحتباس الحراري بحلول العقد المقبل.

ويحتاج قطاع الشحن البحري، الذي يستهلك حوالي 5 ملايين برميل من النفط يوميا، إلى التحول إلى البدائل وبسرعة أكبر.

ونظرا إلى أن عمر السفن يتراوح بين 20 إلى 25 عاما، فمن الممكن أن تظل السفن المطلوبة قيد الاستخدام بحلول منتصف هذا القرن، ما يعني أنه يجب أن تكون قادرة على العمل بالوقود النظيف، حتى لو لم تكن الإمدادات موجودة على نطاق واسع.

ووفقا لتقديرات شركة بي.جي.سي الاستشارية، فإن الحصول على صافي ثاني أكسيد الكربون في الشحن يتطلب 2.4 تريليون دولار من الاستثمار، وسيتعين أن يكون 70 في المئة من هذا الوقود في أنواع وقود أنظف، معظمها في إنتاجه وتخزينه وتوزيعه.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن ديان جيلبين المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة سمارت غرين شيبينغ قولها في بيان “ليس لدينا الوقت لانتظار اللوائح التنظيمية أو الوقود البديل للحاق بالركب”. وأضافت “نحن بحاجة إلى التحرك بسرعة والعمل بما لدينا”.

وتتم مراجعة أهداف المنظمة البحرية الدولية كل خمس سنوات. وكان الهدف السابق هو أن تخفض صناعة الشحن انبعاثاتها بمقدار النصف على الأقل من عام 2008 إلى 2050.

لكن دعاة حماية البيئة يقولون إن اللاعبين الآخرين يمكنهم تجاوز خطة الانبعاثات الصادرة عن المنظمة البحرية الدولية.

وقال جيسون أندرسون من مؤسسة كليميت ووركس إنه “يجب على الجهات الفاعلة الوطنية والإقليمية اتخاذ مبادرة لسن سياسة أكثر طموحًا بشأن انبعاثات الشحن”.

وأضاف “يجب على الشركات التي تعمل في تشغيل السفن أولاً إطلاق ممرات شحن خضراء لتسريع امتصاص الوقود الخالي من الكربون”.

وحذر تقرير للبرلمان الأوروبي نُشر قبل فترة من أن الحصة قد تزيد بشكل كبير بحلول عام 2050 إذا لم يتم اتخاذ خطوات لتقليل اعتماد القطاع على الوقود الأحفوري.

وفي مايو الماضي، أحيت الغرفة الدولية للشحن (آي.سي.أس) المخاوف من تخلف هذه الصناعة عن ركب المهتمين بإزالة الكربون بعدما دعت الشركات إلى التفكير مليا قبل الاشتراك في خطة جديدة للحد من التلوث والقضاء في النهاية على مساهمتها في تغير المناخ.

وتمثل الشركات المنضوية تحت راية الغرفة، ومقرها لندن، أربعة أخماس الأسطول التجاري العالمي. وفي عام 2021 التزمت بهدف اتفاقية باريس لخفض الغازات الدفيئة إلى الصفر بحلول 2050.

وقال رئيس مجلس إدارتها إسبين بولسون تعليقا على ذلك إن “الحديث عن خفض الانبعاثات كثير، والعمل صعب”.

ويتمثل أحد الاعتراضات في أن الهدف من شأنه أن يجبر الشاحنين على حساب انبعاثاتهم غير المباشرة، بما في ذلك تلك التي يتم إنتاجها أثناء تصنيع الوقود البحري، ولا يأخذ في الاعتبار استخدام المزيد من الطاقة أثناء التنقل في الأحوال الجوية السيئة.