لقاح الأطفال على خطى الدواء: مفقود مفقود

أحد أعراض الأزمة الاقتصادية – المالية التي تضرب البلاد اليوم، هو زيادة حالات الإسهال لدى الأطفال وعودة بعض الأمراض والعوارض الصحية الحادة مجدداً بعد خفوتها سنواتٍ طويلة! الربط هنا ليس سوريالياً ولا تهكّماً، بقدر ما هو واقع يتجسد اليوم مع انفلاش أزمة فقدان معظم لقاحات الأطفال التي لم يبق منها على رفوف الصيدليات سوى نوعين أو ثلاثة توزّعها الشركات المستوردة بـ«الحبة».

وفي الآونة الأخيرة، بدأت تتسرب إلى العلن شكاوى أطباء أطفال وأهالٍ من انقطاع غالبية اللقاحات، وخصوصاً تلك التي تُستخدم في فترة ما بعد الولادة، وقد لحق بتلك الشكاوى أخرى صادرة عن بعض المستشفيات التي ترفع الصوت بسبب انقطاع لقاح hepatitis b وهو اللقاح الذي يُعطى للمواليد الجدد في المستشفيات، والذي يندرج ضمن لائحة اللقاحات الإلزامية.

اليوم، لم يعد السؤال في اللقاحات في عيادات أطباء الأطفال مجدياً، بعدما لحق هذا السؤال غيره من الأسئلة عن الأدوية المفقودة. وقد بات من الصعب حصر لائحة ما هو موجود، لسببين أساسيين، أولهما أن «لا شيء ثابتاً الآن مع موجة انقطاع الأدوية واللقاحات بسبب الأزمة»، وثانيهما هو غياب الخيط الفاصل بين ما هو مفقود وما هو مخزّن، خصوصاً في ظل لجوء بعض التجار وحتى الصيدليات إلى «ضب» بعض أصناف الأدوية تمهيداً لما بعد مرحلة رفع الدعم.

ومن المتوقع مع اشتداد تداعيات الأزمة المالية أن تطاول ما هو موجود أصلاً، خصوصاً أنه بحسب أحد أطباء الأطفال لم يعد هناك «سوى شركتين إلى ثلاث توزّع لقاحات». يحار هذا الأخير في كيفية تدبّر أموره في اللقاحات، فبعدما كان يودع في عيادته لقاحات تكفيه شهراً، بات اليوم غير قادر على تأمين «يوميته» من تلك اللقاحات، لأسباب منها «أن الصيدليات لم تعد تعطينا حاجتنا إما بسبب عدم تسلّمها الكمية الكافية أو بسبب التخزين وثانياً بسبب انقطاع التيار الكهربائي». من هنا، عمد هذا الطبيب إلى التخفّف من الدوام في عيادته، فبات يفتح «3 أيام في الأسبوع فقط». أما في أيام «خدمته»، فيحاول تدبّر أموره من خلال «معارفه» أو من خلال الطلب من مرضاه «شراء لقاحاتهم من الصيدليات بناءً على الوصفة الطبية». وفي حال فشل الخيارين السابقين، يرشدهم إلى المستوصفات، علّهم يجدون ضالّتهم.

لكن، إلى الآن لا حلول، فيما المستوردون وأصحاب المستودعات في وادٍ آخر، إذ يشير هؤلاء إلى أن التوزيع «لا يزال شغّالاً وإن بكميات قليلة»، مع التأكيد أن المخزون من اللقاحات المتبقية يكفي شهراً واحداً في أحسن الأحوال «ومن بعدها الأزمة تأتي». لكنّ السؤال هنا، إن كان المخزون المفترض يكفي شهراً، فأين هي اللقاحات إذاً؟