مجلس شورى الدولة يطلب إيقاف تنفيذ قرار حكومي يُغطّي جريمة تذويب الودائع

تقدمت نقابة المحامين في بيروت لدى مجلس شورى الدولة بتاريخ 2023/5/23 بمراجعة سجلت تحت الرقم 2023/25345 بواسطة وكيلها تطلب فيها وقف تنفيذ وإبطال القرار رقم 22 تاریخ 2023/4/18 الصادر عن مجلس الوزراء وتضمين الجهة المستدعى ضدها الرسوم والمصاريف كافة. وقرر مجلس الشورى امس الأول قبول الطعن، وطلب ايقاف تطبيق القرار الحكومي المذكور والذي كان تضمن ما يلي: «بعد المداولة في مجلس الوزراء، وسنداً للمواد 70 و71 و174 من قانون النقد والتسليف، قرر المجلس الطلب من المصرف المركزي اتخاذ الإجراءات الضرورية والمناسبة لإلزام المصارف بسقف السحوبات المتاحة للمودعين (سحباً أو تحويلاً) وفقاً للتعاميم ذات الصلة، وإلا التعامل بشكل يساوي في ما بينهم وعدم إعطاء أولوية لوديعة على أخرى أو على أي التزام آخر بالعملة الأجنبية مهما كان نوعه أو مصدره، والاستمرار بمنح عملائها حرية التصرف بالأموال الجديدة (Fresh)».

وجاء في قرار مجلس شورى الدولة ما يلي:

مطالعة نقابة المحامين

بما أن المستدعية تعرض وتدلي بما يلي: إنه بتاريخ 2019/10/15 اندلعت الأزمة المالية والنقدية الحادة ولم يتم إتخاذ أي تدابير سريعة وناجعة من قبل السلطة التنفيذية بالتعاون مع المصرف المركزي وفقاً للسلطة الممنوحة لهما، وترك المصرف المركزي للمصارف حرية التصرف لإعتماد قيود على السحوبات وذلك لمدة ستة أشهر بعد الأزمة إذ عاد بعدها الى التدخل وتنظيم الأمور بصورة مجحفة أضرت بالمودعين والوضعين الاقتصادي والمالي على حد سواء من خلال إعتماد أسعار صرف متفاوتة حيث أدت الى تذويب الودائع.

أنه كان يقتضي على المركزي تطبيق أحكام القانون رقم 67/2 تاريخ 1967/1/16 أو أحكام القانون رقم 110 تاریخ 1991/11/7 والمعطوف على القانون رقم 28/67 تاريخ 1967/5/6.

ان تداعيات الأزمة النقدية والاقتصادية قد أثرت سلباً في إحتياطي مصرف لبنان فضلاً عن أن تعاميم مصرف لبنان قد خلقت حالة من التطبيع والتطبع وسرعت من وتيرة الانهيار النظامي والمؤسساتي وهذه التعاميم هي غير قانونية كونها مست بودائع اللبنانيين وغير اللبنانيين المودعة لدى المصارف.

ان القرار المطعون فيه قوننة وشرعنة هذه التعاميم المخالف للقوانين وتمييز بين ودائع قديمة وودائع جديدة (Fresh).

إن القرار المطعون فيه هو محاولة يائسة لإعطاء غطاء قانوني للتعاميم غير الشرعية التي أصدرها المصرف المركزي بشأن الودائع المجمدة منذ شهر نيسان 2020 ولغاية تاريخه.

إن المراجعة مقدمة ضمن المهلة القانونية، وإن للمستدعية الصفة والمصلحة اللازمتين لتقديم المراجعة لوجود حسابات مصرفية لها لدى المصارف. وإن القرار المطعون فيه ضار بالمستدعية لأنه أدى الى قضم قيمة الإيداعات.

إن القرار المطعون فيه باطل ومغتصب للسلطة كونه صادراً عن سلطة غير صالحة لأن الإختصاص في التشريع يعود لمجلس النواب وبالتالي عديم الوجود ويقتضي إعلان ذلك سنداً للمواد 105 و108 فقرة 1 و4 من نظام مجلس شورى الدولة، وأن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال لا يجوز لها إتخاذ القرار المطعون فيه فضلاً عن أن التعاميم المؤقتة والاستنسابية التي فرضتها الأزمة الإقتصادية والمالية في لبنان لها طابع تشريعي تخرج عن صلاحية الحكومة الحالية والمصرف المركزي.

إن القرار المطعون فيه باطل لمخالفته قوة القضية المحكوم بها ولكون مجلس شورى الدولة بإصداره القرار رقم 2020/213-2021 تاریخ 2021/5/31 قضي بوقف القرار المطعون فيه رقم /13318/ الصادر عن حاكم مصرف لبنان تاريخ 2021/3/24 المتعلق بسقف السحوبات النقدية لودائع الدولار واستبدالها بالليرة اللبنانية على أساس /3900/ ل.ل. والذي أصبح مؤخراً /15,000/ ل.ل. إذ أن القرار المطعون فيه ميز بين الأموال القديمة والأموال الجديدة وهذه مخالفة واضحة لقرار مجلس شورى الدولة المذكور.

إن القرار المطعون فيه مستوجب الإبطال وأنه مشوب بإساءة إستعمال السلطة وتحويرها ومخالف لمبادئ متعلقة بالإنتظام العام لناحية إستناده الى مواد قانون النقد والتسليف، كما أدى الى تكريس قضم الودائع الذي كرسته التعاميم بما يشكل مساساً بودائع اللبنانين والحماية الواجبة قانوناً ويلحق بهم الضرر غير القابل للتعويض وخالف المواد 13 و 33 و 70 و 71 و174 من قانون النقد والتسليف إذ إن هذه المواد لا تسمح للحكومة بتوجيه المطالبات للمصرف المركزي وخاصة في مواضيع تتعلق بالمودعين.

إن القرار المطعون فيه مخالف للمواد 221 و 299 و704 من قانون موجبات العقد و307 من قانون التجارة وذلك من خلال تكريس التعاميم (الهيركات) غير القانونية والتي تمس بالملكية الخاصة المحمية دستورياً.

إن القرار المطعون فيه قد خلق فئة جديدة من الإيداعات المالية (Fresh) طامساً الإيداعات القديمة وخالف بذلك مبدأ المساواة وهذا ما يتطلب قانوناً خاصاً صادر عن السلطة التشريعية وهذا الأمر مخالف للفقرة /ج/ من مقدمة الدستور فضلاً عن أن هذا القرار المطعون فيه لا يجوز أن يصدر عن حكومة تصريف أعمال ويخرج عن صلاحيتها. إن شروط وقف التنفيذ متوافرة في المراجعة الحاضرة لأن الضرر البليغ والأسباب جدية.

جواب الحكومة

وبما أن المستدعى ضدها الدولة اللبنانية تقدمت بتاريخ 2023/6/12 بلائحة جوابية طلبت فيها رد طلب وقف التنفيذ ورد المراجعة شكلاً وأساساً وأبرزت مطالعة الإدارة المختصة وتبنت مضمونها، وأدلت بما خلاصته: إن القرار المطعون فيه غير قابل للطعن على اعتبار أنه طلب موجه الى المصرف المركزي بممارسة مهامه المنصوص عليها في المواد 70 و 71 و 174 من قانون النقد والتسليف وهو بالتالي مجرد تذكير موجه الى المصرف المركزي بممارسة صلاحياته التنظيمية، خاصة وان مجلس الوزراء ليس لديه أية سلطة إدارية مباشرة أو تسلسلية على المصرف ولا يحق له توجيه أوامر إليه بل فقط توصيات وإرشادات.

وأن هذا القرار لم يغير في الأوضاع القانونية وأن صلاحية اتخاذ القرارات بموضوع السحوبات المصرفية يعود حصراً للمصرف المركزي القيم على السياسة النقدية في البلاد. أنه ليس للمستدعية الصفة والمصلحة للطلب بالقرار لأنه أصلاً هو قرار غير نافذ ولا يلحق أي ضرر بها.

إن القرار المطعون فيه يدخل ضمن مفهوم الأعمال العادية التي يعود لمجلس الوزراء إتخاذه في ظل حكومة تصريف الأعمال، وليس هنالك أي تعد على السلطة التشريعية طالما صاحب الإختصاص في موضوع النقد والرقابة المالية على المصارف يعود الى المصرف المركزي.

إن قرار مجلس شورى الدولة رقم 213 تاریخ 2021/5/31 لا يتمتع بقوة القضية المقضية ويجوز الرجوع عنه وان القرار المطعون فيه لم يتضمن ما يخالف قوة القضية المقضية. وأنه لا صلاحية لمجلس الوزراء في موضوع السحوبات المصرفية الذي خصه المشرع بالمصرف. إن شروط وقف التنفيذ غير متوافرة في المراجعة الراهنة لعدم وجود ضرر بليغ يلحق بالجهة المستدعية طالما أن القرار أصلاً غير قابل للطعن.

جواب مصرف لبنان

وبما أن المستدعى ضده مصرف لبنان تقدم بتاريخ 2023/6/12 بلائحة جوابية طلب فيها إخراجه من المحاكمة كونه ليس مصدر القرار وإستطراداً رد المراجعة، وأساسا ورد طلب وقف التنفيذ وتضمين المستدعية الرسوم والمصاريف كافة وأدلى بما خلاصته:

إن القرار المطعون فيه صادر عن مجلس الوزراء ولا علاقة للمصرف المركزي به ويقتضي بالتالي إخراجه من المحاكمة.

إن القرار المطعون فيه غير قابل للطعن لأنه ليس من القرارات النافذة المنصوص عنها في المادة 105 من نظام مجلس شورى الدولة، وهو من قبل التوصيات والطلبات التي لا تنشئ أوضاعاً قانونية جديدة إذ أنه لا يؤمر مصرف لبنان بل يطلب منه، وهو توجهات صادرة عن مجلس الوزراء وليس له اي طابع تنفيذي. ولا صفة ولا مصلحة للمستدعية للطعن إذ إن القرار أصلاً لا يلحق أي ضرر لأنه غير نافذ. وإن الحد من سحب الأموال هو ناتج عن تعاميم مصرف لبنان وليس من القرار المطعون فيه. وإن صلاحية مصرف لبنان مستمدة من الحكومة وليس هنالك بالتالي أي تعد على السلطة التشريعية. إن القرار المطعون فيه لا يخالف مبدأ المساواة إذ يمكن للجميع الاستفادة منه بدون تفرقة.

و إن القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ التعميم رقم 151 أحيل على مجلس القضايا وقد تم رد وقف التنفيذ بالطعن المقدم بالتعميم رقم 158 الصادر عن مصرف لبنان والذي هو شبيه بالطعن بالتعميم رقم 151، وان هذا القرار الصادر بوقف التنفيذ لا يتمتع بقوة القضية المحكوم بها. وإن شروط وقف التنفيذ غير متوافرة في المراجعة الراهنة لعدم قابلية القرار المطعون فيه للطعن.

قرار شورى الدولة

وبما أنه بتاريخ 2023/7/11 وضع المستشار المقرر تقريره كما أعطى مفوض الحكومة مطالعته بالتاريخ نفسه. فعلى ما تقدم، وفي طلب وقف التنفيذ:

بما أن المستدعية تطلب وقف تنفيذ القرار الصادر عن مجلس الوزراء رقم 22 تاریخ 2023/4/18 والمتضمن ما يلي:

«بعد المداولة، وسنداً للمواد 70 و71 و174 من قانون النقد والتسليف قرر المجلس الطلب من المصرف المركزي اتخاذ الإجراءات الضرورية والمناسبة لإلزام المصارف بسقف السحوبات المتاحة للمودعين (سحباً أو تحويلاً) وفقاً للتعاميم ذات الصلة وإلا التعامل بشكل يساوي في ما بينهم وعدم إعطاء أولوية لوديعة على أخرى أو على أي التزام آخر بالعملة الأجنبية مهما كان نوعه أو مصدره والاستمرار بمنح عملائها حرية التصرف بالأموال الجديدة (Fresh).

وبما أن قرار وقف التنفيذ هو تدبير مؤقت من شأنه وقف الضرر المتأتي عن القرار الإداري المطعون فيه، إذ تبين من معطيات الملف أن هذا الضرر بليغ وهنالك أسباب قانونية جدية في المراجعة.

وبما أنه يتبين من وقائع الملف والأسباب المدلى بها أن شروط وقف التنفيذ المفروضة في المادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة متوافرة في المراجعة الراهنة مما يقتضي معه وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. لذا يقرر بالاجماع وقف تنفيذ القرار 22 تاريخ 18/4/2023الصادر عن مجلس الوزراء.