مصرف لبنان يُخفي أموال الـPCR: ملايين الدولارات ضائعة

في العام 2020 وقَّعت وزارة الصحة والجامعة اللبنانية والمديرية العامة للطيران المدني في مطار بيروت، اتفاقاً تقوم بموجبه الجامعة اللبنانية بإجراء فحص الـPCR المخصص للكشف عن الإصابة بفيروس كورونا، وتحلل العيّنات المأخوذة من الوافدين عبر المطار، في مختبر الجامعة. وهذه العملية غير مجانية، بل يدفع كل وافد 50 دولاراً لشركة الطيران القادم عبرها، والتي بدورها تحوّل الأموال إلى الشركة اللبنانية للنقل LAT وشركة الشرق الأوسط للخدمات الأرضية MEAG، وهما شركتان تقدّمان خدمات أرضية في مطار بيروت. وحسب الاتفاق، تحوّل الشركتان الأموال إلى حساب الجامعة اللبنانية في مصرف لبنان.

لم يكد يمضي العام الأول للاتفاق، حتى ظهرت الفجوة وانكشفت لعبة التحويل من الدولار إلى الليرة، وغموض الجهات المستفيدة من فارق التحويل الذي تزداد قيمته مع ارتفاع سعر صرف الدولار الذي وصل مؤخراً إلى نحو 33 ألف ليرة. وعلى طول هذا المسار، تأخّر ديوان المحاسبة في التحرّك لكشف التفاصيل. إذ انتظر الديوان حتى يوم أمس ليعلن بدء التحقيق في القضية، والاستماع إلى مدير عام الطيران المدني بالتكليف فادي الحسن ورئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران ووزير الصحة فراس أبيض. علماً أن القضية بدأت في عهد الوزير السابق حمد حسن ورئيس الجامعة السابق فؤاد أيوب، في حين كان بدران شاهداً على توقيع الاتفاق بصفته مدير كلية العلوم في الجامعة.

عُقِدَ الاتفاق على أساس تقاضي 50 دولاراً ثمناً للفحص وتحديد نوع طفرة الفيروس. “لصندوق كورونا في وزارة الصحة 5 دولارات من أصل المبلغ المستوفى، كان من المفترض أن تغطّي تكاليف الوزارة التي تدفعها لفريق المتطوعين كبدلات النقل والطعام وغيرها، فيما يذهب 45 دولاراً إلى حساب الجامعة اللبنانية في مصرف لبنان”، وفق ما يقوله حمد حسن لـ”المدن”. ويشير الوزير السابق إلى أن “مصرف لبنان لم يحوّل أي دولار لوزارة الصحة، حتى وقت تسليم الوزارة للوزير الحالي، علماً أن شركتيّ الخدمات تتقاضيان الأموال بالدولار النقدي من الخارج، ومن المفترض بهما تحويل المبالغ لمصرف لبنان بالدولار النقدي”.

ككل الجداول المتعلّقة بالمصرف المركزي، اختفت حقيقة الجداول الخاصة بفحوص المطار. وطوال هذه المدة، لم يُصدِر ديوان المحاسبة المناط به التأكد من العملية، أي بيان توضيحي. لكن هذا التقاعس يمكن تجاوزه إذا كَشَفَ مصرف لبنان عن حسابات الصندوق الأسود للفحوص. وهو ما لم يحصل. من المفترض أن تحوّل شركتيّ الخدمات الأموال للمركزي. ولا أحد يعرف حجمها. ومن المفترض أن يحوّل المركزي الأموال للجامعة اللبنانية. ولا أحد يعرف حجمها. وما هو متداول حتى اللحظة،

فضيحة اختفاء الأموال توازيها فضيحة قرار حاكم المركزي رياض سلامة، اعتماد سعر منصة صيرفة التي كانت توازي 3900 ليرة، لتسعير الدولارات الواردة إليه. ما يعني أن الحاكم يتلقّى 45 دولاراً نقدياً عن كل فحص، يضاف إليه 2.5 دولار حصّة وزارة الصحة، ومن المفترض أنه يحوّل لطيران الشرق الأوسط 2.5 دولار. وإن كان يحوّلها بانتظام على سعر المنصة، فتلك مصيبة، وإن حوّلها كاملة بالدولار، فمصيبة أخرى، وإن امتنع عن التحويل بأي شكل من الأشكال، فمصيبة ثالثة. والإجابة عن هذه التساؤلات غامضة.

 

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقةجدولة أسعار المحروقات بأثر 77 ليرة: التمهيد للدولرة
المقالة القادمة“أمرٌ يحدث لأول مرّة”… ماذا كشف سلوم؟