إعلان تهاوي “الدعاية والإعلان”… يترك لبنان من دون ألوان

كغيره من القطاعات الإنتاجية والخدماتية شهد الإستثمار في قطاع الإعلان تراجعاً حاداً في العام 2020. الإنخفاض التدريجي الذي بدأ في العام 2019، ما لبث أن تحول إلى “سقوط حر” في العام 2020. فتراجع حجم الإستثمار في العام الأول للأزمة بنسبة تراوحت بين 35 و40 في المئة، منخفضاً من 200 مليون دولار في العام 2018 إلى حدود 130 مليوناً في العام 2019. وعلى الرغم من عدم توفر الإحصاءات عن العام 2020، فمن المتوقع أن يكون الإستثمار قد تراجع بنسبة تتجاوز 90 في المئة عن العام 2019.

تتوزع “كعكة” الإستثمار في قطاع الإعلان على ثلاثة أضلع رئيسية. الأول، يتمثل بالشركات العالمية العاملة في لبنان والعلامات التجارية الأجنبية. الثاني، تستحوذ عليه المصارف التجارية. والثالث يذهب إلى مختلف قطاعات الإنتاج والخدمات المحلية. والذي حصل ان “الثلث الأول بدأ يختفي تدريجياً ابتداءً من العام 2020 مع تراجع الإستيراد وإقفال العديد من الشركات”، يقول رئيس نقابة أصحاب وكالات الدعاية والإعلان جورج جبور. “فيما خفّضت المصارف استثمارها في الإعلانات بنسبة كبيرة. ولم يبق إلا الثلث الثالث المتمثل بالقطاعات المحلية، الذي مني بدوره بخسائر كبيرة نتيجة ضغط الأزمة، والإقفال المتكرر بسبب جائحة كورونا. ومن استطاع منها، تطوير وتسويق منتجات جديدة، سواء كانت تتعلق بمواد التنظيف والمعقمات أو المواد الغذائية، لم يعد بحاجة إلى الإعلان، لاحتكاره السوق وغياب المنافسة الأجنبية”. وبهذا، خسرت نحو 66 شركة إعلانات توظف نحو 2000 متخصص ومبدع، ثلثي المستثمرين، ولم يبق لها إلا نحو 10 في المئة من الثلث الأخير.

الشركات التي فقدت مصدر رزقها الأساسي، “اضطرت مجبرة إلى السير بخيار من ثلاثة: الإقفال، نقل المكاتب إلى الخارج أو العمل لصالح الشركات الكبيرة التي تعمل من لبنان للخارج”، يقول جبور. “فشركات الإعلانات العالمية استفادت من إزدواجية المواهب الموجودة في لبنان، وتراجع التكاليف، وتحديداً في ما يتعلق بالأجور والرسوم والضرائب… وحولت مكاتبها في لبنان إلى “أوف شور” للمنطقة. وقد جذبت بشكل مباشر وغير مباشر العديد من العاملين في القطاع مقابل دفع جزء من الأتعاب بالدولار الطازج”. في المقابل تعجز الشركات المحلية عن مجاراة الأجنبية، وتخسر موظفيها لصالح الأخيرة.

خسارة قطاع الإعلان للشركات المُعلنة مع بداية الأزمة، “كان قد سبقها إقفال ما يقارب 32 مؤسسة إعلامية مرئية ومكتوبة ومسموعة تشكل منصات رئيسية للإعلانات”، يقول مستشار التسويق والتواصل ناجي بولس. فأقفلت نحو 13 مجلة باللغة الأجنبية مثل NOON وELLE وL OFFICIEL وAISHTI وFEMME وDECO وMONDANITE وCURVE وLE MENSUEL MAGAZINE. وأكثر من 5 مجلات بالعربية مثل: ليالينا، الشبكة، فيروز، الإداري والصياد. وحوالى 6 صحف مثل: البلد، السفير، الأنوار، المستقبل، “الدايلي ستار” والحياة. كما أقفل تلفزيونا المستقبل، وأل بي سي بالشعار الأحمر. وإذاعتا جرس أف أم، وراديو وان. وسينما “ميتروبوليس”. وبحسب بولس “لم يعد هناك إلا العدد القليل من المطبوعات الدورية والشاشات المحلية التي تشكل منصات تستقطب الإعلانات.

المحافظة على قطاع الإعلانات تتطلب، بحسب الخبراء، تغيير استراتيجية العمل وعدم فقدان الامل. ويقول جبور: “على الرغم من كل الصعوبات التي واجهناها في العام الماضي أطلقنا حملة “أنا أعلن”،. وحفزنا المعلنين على الإعلان عن منتجاتهم في كل وسائل الاعلام المشاركة، بملبغ رمزي مقداره 60 مليون ليرة، شرط تسجيل هذه الاعلانات تحت العلامة التجارية “أنا أعلن”، مع إعفاء الشركات من رسوم الأمن العام. ولكن انفجار المرفأ بعد أيام قليلة من إطلاق الحملة، قوض كل الجهود المبذولة وأعادنا إلى نقطة الصفر”.