إنعكاس تراجع سعر الصرف على الأسعار

لم يُغطّ على ضجيج ارتفاع سعر صرف الدولار في 22 و23 تموز الماضي إلى 20 و23 ألف ليرة على التوالي، عقب اعتذار الرئيس سعد الحريري عن تشكيل الحكومة، إلا “فرقعة” إنزال جرارات المؤسسات التجارية و”طقطقة” أقفال أبوابها، لتعود وتفتح في اليوم التالي على أسعار جديدة مضاعفة. في المقابل لم يلمس المستهلكون نفس التراجعات مع انخفاض سعر الصرف إلى أقل من 15 ألف ليرة اليوم. فلماذا ترتفع الاسعار فوراً مع ارتفاع سعر الدولار، وتنخفض ببطء وبالتدريج مع تراجعه؟

يجيب عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمّال بأن “السعر المرجعي لأي سلعة مستوردة هو الدولار. ورأسمال التجار أيضاً بالدولار. وعليه من المفروض أن تباع السلع بحسب سعر الصرف مع انخفاض الدولار كما بارتفاعه. وكل ما عدا ذلك يعتبر منافياً للاخلاق”. وما يساعد بحسب رمال على استمرار فوضى التسعير في الأسواق هو “رفض تسعير السلع والبضائع بالدولار، وتسديد ثمنها بالليرة اللبنانية بحسب سعر الصرف اليومي.

في المقابل تظهر هذه المشكلة اكثر عند صغار التجار أو ما يعرف بـ”الدكاكين”. فرأسمال هؤلاء هو الليرة اللبنانية، وفي معظمهم لا يعمدون إلى شراء الدولار مع كل انقضاء يوم عمل. وهم يشترون بالليرة ويبيعون بالليرة، و”أي تراجع في سعر الصرف سيخسرهم رأسمالهم في حال التخفيض الفوري لاسعارهم”، من وجهة نظر رمال.

من جهته لا ينفي الخبير الاقتصادي د. باسم البواب الانخفاض البطيء في الاسعار، خصوصاً في محلات البيع بالتجزئة بالمقارنة مع الارتفاع في حالات تبدل سعر الصرف. فالتاجر النهائي يحاول الاستفادة من أكبر وقت ممكن لتحقيق بعض المكاسب قبل تخفيض السعر وذلك على عكس تجار الجملة والمستوردين الذين يسلمون بضائعهم بالدولار. وفي احيان كثيرة أيضاً تتأخر الاسعار لترتفع وهذا ما نشهده في السوبرماركت والمحلات الكبيرة عندما يتقاطر المواطنون للشراء على سعر رخيص قبل تغير الاسعار عندما يرتفع سعر الصرف.

والأمر نفسه ينسحب اليوم على تراجع أسعار السلع بالدولار عما كان يدفعه المستهلك قبل الأزمة. فالعدسات اللاصقة على سبيل المثال كان يكلف الجوز منها قبل الأزمة 15 ألف ليرة، أي 10 دولارات، في حين أصبح سعرها قبل أيام 100 ألف ليرة أو ما يعني حوالى 6 دولارات على سعر صرف 16 ألف ليرة. فهل هذا يعني ان المستهلك كان يدفع أسعاراً مضاعفة قبل الازمة؟ يجيب البواب بالنفي ذلك أن سبب الانخفاض يعود إلى حسم المصاريف التي ما زالت تدفع بالليرة او اللولار من كلفة القطعة. فالايجارات والضرائب والرسوم والهاتف وأجور العمال كلها تدفع بالليرة أو على دولار 3900 ليرة مما يسمح للتجار بحسم هذه الاكلاف وتخفيض سعر السلع المستوردة. وبرأيه فان الجمارك التي ما زالت تدفع على أساس 1500 ليرة تشكل من 10 إلى حوالى 50 في المئة من قيمة السلعة والرسوم ترتفع كلما كانت السلع كماليات وليست ضروريات. وهذا ما يدل من وجهة نظره على ان التاجر من مصلحته تخفيض الاسعار ليستطيع المنافسة.