إيطاليا تدعم بناء خط أفريقي للطاقة البديلة محوره تونس والجزائر

أبدت إيطاليا دعما وتأييدا كبيرين لخطة طموحة جديدة تهدف إلى زيادة واردات أوروبا من الطاقة النظيفة منخفضة الكلفة، التي سيجري إنتاجها في شمال أفريقيا.

واجتمع مسؤولون إيطاليون مع المديرين التنفيذيين لمشروع “مدلينك”، في إشارة إلى استعداد بلدهم لاستخدام ثقله السياسي بهدف دعم الخطة، وفق ما كشفت عنه مصادر مطلعة الجمعة لوكالة بلومبيرغ.

ويتطلب المشروع إنشاء تجهيزات وتشييد وحدات، من بينها ألواح طاقة شمسية، في كل من تونس والجزائر، على أن تُصدّر الطاقة المنتجة بعدها إلى إقليمي توسكانا وليغوريا في إيطاليا عبر خطوط نقل بحرية، حسب ما جاء في وثيقة سرية.

وأعدت العرض شركة جيرو، التي أسسها المديرون التنفيذيون السابقون في مُشغّلة شبكة الغاز سنام. وقد جمعت مؤخرا أكثر من 100 مليون يورو (108 ملايين دولار) لتمويل مرحلة بدء التشغيل.

وقالت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هوياتها لأن المناقشات خاصة، إن “الشركة تعتزم جمع تمويلات بنحو 5 مليارات يورو لتنفيذ الخطة”.

ويعتقد المحللون أن ذلك يمثل تحديا تمويليا أمام الجدوى الاقتصادية للمشروع، حيث أن تكاليف التطوير يجب أن يغطيها الزبائن، الذين سيحجزون إنتاج الكهرباء ويشترونها.

ويحظى مدلينك أيضا ببعض الدعم على المستوى الأوروبي، بعد إدراجه في خطة شبكة مشغلي أنظمة توزيع نقل الكهرباء في أوروبا إنتسو إي طويلة الأجل لمشغلي شبكات نقل الكهرباء في بلدان القارة.

كما تم إدراج المشروع في خطة رئيس الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني الأوسع نطاقا لقارة أفريقيا، التي تقول روما إنها ستدعم النمو وتحد من الهجرة غير النظامية.

ومن المتوقع أن تشكل الطاقة، التي سينتجها مدلينك، حوالي 8 في المئة من إجمالي استهلاك إيطاليا السنوي من الكهرباء في نهاية المطاف، وفق الوثيقة التي أشارت أيضا إلى أن توفير أحجام كبيرة جديدة من الإمدادات للقارة قد يجعل البلد “مركز طاقة لأوروبا”.

وسيتناسب ذلك تماما أيضا مع خطة ميلوني للمنطقة، التي زارتها ثلاث مرات على الأقل منذ توليها المنصب في عام 2022. وتهدف المبادرة، التي يطلق عليها اسم “خطة ماتي”، إلى دعم التنمية في المنطقة والحد من الهجرة غير النظامية.

وسبق أن وافقت روما على مشروع كابل بحري آخر يربط بين تونس وجنوب إيطاليا يُعرف باسم “إلمد”، وستديره ترنا مُشغلة شبكة توزيع الكهرباء الحكومية، والشركة التونسية للكهرباء والغاز (ستاغ)، وفق بيان صدر في منتصف الشهر الجاري.

وأكدت المصادر المطلعة أن خط الربط الجديد سيمنح ميلوني فرصة حقيقية لإظهار التزامها تجاه المنطقة، وأمن الطاقة لحلفائها من الدول الأوروبية، حيث تسعى إلى تعزيز مكانة إيطاليا على الساحة العالمية.

ويرجح أن تشكل طواحين الهواء وألواح الطاقة الشمسية ومواقع تخزين البطاريات التابعة لمشروع مدلينك في تونس والجزائر إجمالي قدرة مركبة يبلغ 10 غيغاواط، لنقل ما يصل إلى 28 تيراواط سنويا من الطاقة إلى شمال إيطاليا عبر كابلين بحريين عاليي الجهد.

ووفق الوثيقة التي أوردت بلومبيرغ مضمونها يهدف المشروع، المقرر بدء تشغيله بحلول عام 2030، إلى تصدير الكهرباء إلى ألمانيا والنمسا وسويسرا.

ويأتي مشروع مدلينك بينما تسعى بريطانيا إلى استيراد الكهرباء النظيفة انطلاقا من محطة شمسية في جهة كلميم واد نون المغربية عبر كابل بحري بطول أربعة آلاف كيلومتر، وسيمر بكل من البرتغال وإسبانيا وفرنسا.

واستثمرت شركة جي.إي فيرنوفا حوالي 10.2 مليون دولار في شركة إكسلينكس فيرست البريطانية، والتي تخطط لإطلاق المشروع الضخم في المغرب.

وبذلك تنضم فيرنوفا إلى مجموعة من المستثمرين، منهم شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) وتوتال إنيرجيز الفرنسية وشركة أوكتوبوس إنيرجي، أكبر مورد للطاقة بالتجزئة في المملكة المتحدة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة فيرست جيمس هامفري في وقت سابق هذا العام إن “هذا الاستثمار ساعد على دعم أحدث جولة تمويل لشركة إكسلينكس فرست”، والتي جمعت فيها 110 ملايين دولار حتى الآن.

وأوضح أنها تعتبر خطوة إلى الإمام في مسيرة الشركة لإطلاق المشروع، الذي تقدر كلفة تشييده بنحو 24 مليار جنيه إسترليني (30 مليار دولار).

ومن المنتظر أن توفر محطة الطاقة المخطط لها، والتي تتكون من توربينات الرياح والألواح الشمسية والبطاريات في المغرب، 3.6 غيغاواط من الكهرباء إلى المملكة المتحدة عبر أطول كابل لتوصيل الطاقة تحت سطح البحر في العالم.

وفي ظل وجود إمدادات أكثر استقرارا من أشعة الشمس والرياح في المغرب، يمكن لهذا المشروع أن يضمن لبريطانيا كهرباء نظيفة موثوقة وأقل سعرا، لاسيما خلال أوقات انخفاض الإنتاج.