الأزمة الاقتصاديّة اللبنانيّة تُغري تل أبيب!

خصص مركز أبحاث الأمن القومي في تل أبيب مضمون نشرته الدورية «مباط عل»، حول إمكانات الاستفادة من الأزمة الاقتصادية اللبنانية بوصفها فرصة استراتيجية مؤاتية لفرض المصالح الإسرائيلية على لبنان، عبر مقايضة المساعدة الدولية التي يطلبها لبنان لمواجهة أزمته المالية، بإجراءات وسياسات وقواعد اشتباك جديدة، تؤمن لإسرائيل ما عجزت عنه في حربها عام 2006، مع استئناف «الطَّرق» على عامل الفتنة، ومحاولة تأليب الداخل اللبناني على المقاومة، بزعم أنها السبب المباشر للأزمة الاقتصادية، وهو ما يجد، للمفارقة، صدى وترديداً عبر أصوات لبنانية.
تَرِد في النشرة «لازمة» الحرب المقبلة وما يمكن أن يتسبب في نشوبها: «منذ عام 2006، تعاظمت قدرات حزب الله العسكرية، كماً ونوعاً ومدى، عشرة أضعاف عما كانت عليه عشية حرب لبنان الثانية. والفرضية السائدة هي ان إسرائيل وحزب الله غير معنيين بنشوب حرب وهما مردوعان عنها، إلا أن أخطار التصعيد لم تختف، ومن بين محركاتها التي من شأنها التسبب بمواجهة، أن تقدم إسرائيل او أميركا على استهداف المشروع النووي الإيراني، أو شن هجوم إسرائيلي في الساحة اللبنانية، مثل ضربة تستهدف مشروع دقة الصواريخ، إضافة الى استهداف التمركز العسكري لحزب الله في سوريا وتعاظمه هناك، وكذلك التصعيد الذي يمكن أن ينشأ بناءً على حادث موضعي على طول الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان».
ويرد في النشرة أن «الأنشطة العسكرية لحزب الله في جنوب لبنان عموماً وعلى طول الخط الأزرق خصوصاً، تحمل في طياتها خطر تصعيد مهم، تستوجب بذل جهود مدمجة ومتواصلة، لتخفيضها والحؤول دون ما قد تتسبب به».
اللافت في النشرة هو التركيز على «الأزمة الاقتصادية العميقة في لبنان»، التي تزيد من حاجة حكومة بيروت وحزب الله لتلقي مساعدات دولية، الأمر الذي يعدّ رافعة ضغط لدى المجتمع الدولي كي يطالب لبنان بـ«خطوات تبعد الحرب». في موازاة ذلك، تؤكد النشرة وجوب «السعي الى توصيف المسؤولين اللبنانيين الكبار في الحكومة والأجهزة الأمنية والسلطات المحلية (البلديات)، أشخاصاً داعمين للإرهاب، مع فرض عقوبات عليهم طالما أنهم يساعدون حزب الله على استمرار نشاطه العسكري على طول الخط الأزرق».
يرى مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن فرصة نجاح هذه المقاربة «معتدّ بها، كونها نجحت في السنوات الماضية مع حركة حماس في قطاع غزة، بعدما ثبتت إمكانية التوصل الى تفاهمات وترتيبات أمنية، مقابل مساعدات اقتصادية». وترد في النشرة إشارة دالّة في السياق إلى أهمية وموقع الخيارات البديلة غير العسكرية في الاستراتيجية الإسرائيلية المفعّلة تجاه الساحة اللبنانية: عندما يكون ثمن الحرب مع لبنان أعلى بكثير من ثمن حرب مع قطاع غزة، فمن الصحيح استنفاد الجهود وفق سياسة مشابهة أيضاً مقابل حزب الله، وربما بزخم أكبر.
المقاربة مغلوطة: لبنان ليس قطاع غزة المحاصر بإطباق إسرائيلي وعربي من دون عمق استراتيجي حليف. فيما قدرة حزب الله على إيذاء إسرائيل، إن تفاعلت الأزمة الاقتصادية الى حدّ يغري «المجتمع الدولي» بفرض الإرادة الإسرائيلية على لبنان، هو إيذاء كبير جداً، علماً بأن الدعوة الإسرائيلية، كما ترد، كاشفة لنيات إسرائيل (و/أو مخططاتها) تجاه لبنان، كونها تسعى إلى تلقّف أي متغير لتبني عليه خياراتها البديلة من المقاربة العسكرية التي تهدد بها لبنان، فيما هي تسعى الى تجنب الوقوع في محذورها.