التشكيلات الدبلوماسيّة مجمّدة: إما أن تعود الخارجية لتُمارس دورها… وإمّا «بلاها»

إذا كان يُفترض بالسلك الدبلوماسي أن يكون «مرآة مُجتمعه» في الخارج، فإنّ الخارجية اللبنانية تُمثّل خيرَ انعكاسٍ للجمهورية: فراغ بعثات، تراخي دبلوماسيين، اهتراء إداري، غياب الموقف… جسدٌ متآكل قابلٌ للسقوط في أيّ لحظة إن لم تنطلق ورشة تأهيله سريعاً. ما تُعانيه «الدبلوماسية» ليس مُشكلة ظهرت فجأة، بل امتداد لسنوات من التفكّك، بلغت ذروتها أخيراً مع ترسيخ البُعد الطائفي والولاء السياسي في التعيينات والترقيات، بهدف إنتاج سِلكٍ يخدم مصالح «رعاته» السياسيين في الخارج، وليس لبنان.

11 سفارة لبنانية شاغرة في العالم (الولايات المتحدة الأميركية، البرازيل، أبيدجان، سيراليون، الكويت، قطر، أندونيسيا، باكستان، اليونان، الأردن، الكونغو)، وقريباً تنضم إليها سفارة لبنان في دمشق مع إحالة السفير سعد زخيا على التقاعد.

9 سفراء (رامي مرتضى – لندن، سليم بدّورة – جنيف، جوانا القزي – بودابست، رنا المقدّم – بوخارست، طوني فرنجيّة – تونس، رلى نور الدين – برن، ميليا جبّور -بكين، سامي النمير – مكسيكو، ألبير سماحة – مسقط) أتمّوا المدّة القصوى للبقاء في الخارج والمُحدّدة بحسب المادة 22 من قانون الوزارة بعشر سنوات، وبالتالي تجب إعادتهم إلى الإدارة المركزية.

8 دبلوماسيين ينتمون إلى «الفئة الثانية» (ديما حدّاد – الخرطوم، سامي حدّاد – داكار، هادي جابر – صنعاء، مايا داغر – يريفان، ميلاد نمّور – المنامة، قبلان فرنجية – بريتوريا، رينا شربل – وارصو، أنطوان عزّام – سيول)، ومُعيّنين في مراكز خدمتهم «بلقب سفير»، تخطّوا المدّة القصوى لبقائهم في الخارج وهي سبع سنوات، وأيضاً يجب أن يعودوا إلى لبنان. وتبقى مُعضلة السفير ريّان سعيد من دون حلّ منذ عام2017، بعد أن طلبت الكويت من لبنان عدم إرسال أوراق اعتماده، بسبب انتمائه الطائفي. لا يزال سعيد يُداوم في بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة في جنيف، التي يرأسها حالياً السفير سليم بدّورة، فسجّلت الدولة اللبنانية سابقة تعيين سفيرين في بعثة واحدة!

في المقابل، ينتظر 12 سفيراً يشغلون مواقع إدارية في وزارة الخارجية والمغتربين، دورهم «القانوني» لتسلّم بعثات دبلوماسية في الخارج، بين هؤلاء من لم يسبق له بعد إدارة سفارة. بالإضافة إليهم، يُتمّ في تموز المقبل 17 دبلوماسياً – مُوزعين بين الفئتين الثانية والثالثة – مُدّة خدمتهم القانونية داخل الإدارة المُحدّدة بسنتين، بالتالي يفرض القانون تعيينهم في مراكز خارجية.

حالياً، تشتد الحاجة إلى إجراء التشكيلات لأسباب عديدة، أهمّها: عدم مخالفة القانون، وتعزيز حضور لبنان في المراكز العالمية الرئيسية. تأثير الفراغ على البعثات «كبير. نمرّ في البلد بوضع حسّاس، مفروض أن ننقل وجهة نظرنا إلى العالم عبر السلك الدبلوماسي. الدول التي تحترم نفسها لا تُعالج هذا الملفّ بلامبالاة». وهذا سيؤدّي أصلاً «إلى تراجع العمل الدبلوماسي في الخارج. وزارة الخارجية هي واجهة أي بلد. فإمّا أن تعود الخارجية لتُمارس دورها، وإمّا بلاها».