القطاع المالي وأنظمة المدفوعات أمام حتمية مواكبة طفرة ميتافيرس

يؤكد الخبراء أن البنوك المركزية حول العالم ستضطر إلى تطوير أطر تنظيمية وتشريعية لتحقيق أقصى استفادة من إمكانات تكنولوجيا ميتافيرس في تطوير القطاع المالي مع الحفاظ على خصوصيات الأفراد وتلبية متطلبات الأمن السيبراني.

ويشكل عالم ميتافيرس الافتراضي الناشئ ما يشبه نسخة عن العالم الواقعي يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت، بما يمكن الأشخاص من التواصل والتفاعل والتسوّق إلكترونيا بطريقة مباشرة بواسطة نظام اقتصادي إلكتروني لامركزي يدمج العالمين الرقمي والحقيقي.

ويقول المتخصصون في قطاع التكنولوجيا والخدمات المالية إن ميتافيرس أحدثت ثورة في قطاعات مثل التجارة الإلكترونية والألعاب ووسائل الإعلام والترفيه والعقارات وغيرها.

ومن المرجح أن تحدث هذه التقنية نموا يفوق التوقعات في مجالات أخرى وفي مقدمتها القطاع المالي، بما يشمل أنظمة المدفوعات والتكنولوجيا المالية.

وستتضح الرؤية بشأن مستقبل القطاع المالي وأنظمة المدفوعات في عالم ميتافيرس بشكل أكبر في السنوات القادمة مع زيادة المبادرات والبرامج التي تستهدف استكشاف الفرص الواعدة في الفضاء الرقمي.

ويرى نمير خان، الرئيس التنفيذي وعضو مجلس الإدارة المؤسس لجمعية التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنه عندما يتعلق الأمر بميتافيرس، فهناك استيعاب قوي متوقع لقطاع الخدمات المالية مع اعتماد رموز وعملات جديدة. ونسبت وكالة الأنباء الإماراتيالرسمية إلى خان قوله “أعتقد أن هذا العالم الافتراضي سيؤدي إلى تسريع وتيرة نمو القطاع المالي في السنوات القادمة”.

وأضاف “علينا أن نركز خلال الفترة القادمة على المواضيع المرتبطة بتطوير قطاع التكنولوجيا المالية ومستقبل القطاع المالي في عالم ميتافيرس بما يشمل الخدمات المصرفية المفتوحة والتكنولوجيا التنظيمية والمدفوعات والأصول الرقمية”.

وتعد الإمارات إحدى الدول القليلة في المنطقة العربية التي بدأت في توظيف هذه التقنية ومن المتوقع أن تكون مساهما فعالا في تعزيز ميتافيرس لما تملكه من مقومات تقنية متطورة وبنية تحتية رقمية على مستوى عالمي.

وعلى مدار الأشهر الماضية، أطلق البلد الخليجي الثري مجموعة من المبادرات تهدف إلى تعزيز حضوره في العالم الافتراضي.

وأكد عمرو السيد مدير تطوير المشاريع لدى تاب للمدفوعات المالية، أن ميتافيرس ستسهم في إحداث تأثير كبير في القطاع المالي وزيادة حجم المدفوعات عالميا.

وتوقع أن يتزايد اهتمام الشركات المتخصصة في القطاع المالي والمدفوعات بالاستثمار في هذا العالم الافتراضي الجديد وخصوصا في دولة الإمارات التي اهتمت بإطلاق مجموعة من المبادرات لتعزيز حضورها في هذا العالم الجديد.

وتستهدف إمارة دبي، التي تعد مركزا مهما للأعمال في الشرق الأوسط، رفع المساهمة الإجمالية لقطاعات ميتافيرس إلى 4 مليارات دولار في اقتصاد الإمارة بحلول العام 2030.

والشهر الماضي أعلنت سُلطة دبي لتنظيم الأصول الافتراضية اعتماد ميتافيرس، وتأسيس مقر رئيسي لها في العالم الافتراضي مما سيعزز بيئة الأعمال بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة بما ينعكس على القطاع المالي واقتصاد الإمارة بشكل عام.

وبدأ مسار الإمارات نحو رقمنة القطاع المالي في 2020 عندما نصت هيئة الأوراق المالية والسلع التابعة لها على أن أي شخص يقدم أصول تشفير بالبلاد يجب أن يكون مرخصا وأن يمتثل لقوانين مكافحة غسيل الأموال والأمن السيبراني وحماية البيانات.

قال ريني ميكاو الرئيس العالمي للأصول الرقمية في ستاندرد تشارترد “بات العالم الافتراضي موضوعا مثيرا للاهتمام، فهو فرصة فريدة للقطاع المالي والتجاري العالمي للتفاعل مع مجموعات جديدة من المستهلكين وبطرق مختلفة”.

وأضاف “نريد فهما أعمق لتجربة ميتافيرس، والتواصل مع العملاء بطرق هادفة في هذا العالم الافتراضي، والأهم من ذلك التفكير في كيفية تقديم مساحة رقمية كاملة عبر الإنترنت للخدمات المالية بطريقة تحمي المستهلكين”.

ولنجاح التجربة يتطلب ذلك توفر بنية تحتية مستقرة وسهولة حصول كل فرد على تلك التجربة والتمتع بمزاياها من دون عقبات أو سلبيات.

ويقول جايمي فيرهيج مدير استقبال مدفوعات التجار لدى شركة تاب للمدفوعات المالية، إن القطاع المالي وأنظمة المدفوعات سيشهدان نمواً قياسياً في عالم الميتافيرس، لكنه أشار إلى أن هذا النمو سيكون بعد سنوات مع اتضاح الرؤية.

وأكد أن ثمة العديد من التحديات لاستخدام ميتافيرس مثل الحفاظ على الخصوصية والأمن السيبراني والتي يجب الاستعداد لها وابتكار الحلول لمتغيراتها.

رجح صندوق النقد العربي أن تشهد الخدمات المالية على مستوى العالم طفرة كبيرة خلال السنوات الخمس المقبلة، بالنظر إلى تسارع وتيرة تعويل السلطات النقدية على التكنولوجيا في القطاع المصرفي.

وقدر في أحدث تقاريره أن يتجاوز حجم هذه الخدمات حاجز العشرة تريليونات دولار بحلول 2027، بعدما فاقت قيمتها نحو ثمانية تريليونات دولار بنهاية العام الماضي.

وتقول جنان باجريتش خبيرة تطوير الأعمال في سيتي غولد إدارة الثروات لدى سيتي بنك إن ميتافيرس فتح شهية الكثير من الجهات لاتخاذ الإجراءات والقرارات السريعة لتسخير الإمكانات والفرص المستقبلية وعلى رأسها قطاع الخدمات والتكنولوجيا المالي والذي نتوقع أن يشهد نمواً كبيراً في هذا العالم الافتراضي.

أما زاهر آغا المدير التنفيذي بشركة دي.تي.تي لتقنيات التداول المباشر فلديه قناعة بأن ميتافيرس ستسهم في زيادة المدفوعات وتعزيز نمو القطاع المالي العالمي، وهي خطوة ستدعم القطاع التجاري والذي بدوره سينعكس على اقتصادات الدول بشكل إيجابي.