الكويت: شبهات غسيل أموال في القطاع العقاري بـ2.4 مليار دولار

يحتل ملف مكافحة الفساد رأس أولويات الحكومة الكويتية، خصوصا في ظل الإعلان عن قضايا خطيرة وعمليات غسيل أموال تتم على نطاق واسع. يأتي ذلك في الوقت الذي كشف تقرير صادر من وحدة التحريات المالية أن إجمالي عمليات غسيل الأموال التي تمت من خلال القطاع العقاري بلغت نحو 2.4 مليار دولار. وذكر التقرير الذي اطلعت عليه “العربي الجديد”، أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت عمليات غسيل أموال من خلال القطاع العقاري بعد عمليات بيع وشراء عقارات وهمية داخل الكويت وخارجها.

وأكد التقرير أن وحدة التحريات المالية رصدت عشرات الشركات الوهمية داخل الكويت التي قامت بعمليات غسيل أموال على نطاق واسع بمشاركة شركات علاقات عامة روجت لإعلانات ومعارض عقارية شهدت عقودا وعمليات بيع وهمية.

وقال مصدر قانوني كويتي لـ”العربي الجديد”، إن هناك مئات القضايا لضحايا النصب العقاري التي تكدست بها أروقة المحاكم الكويتية، مشيرا في الوقت نفسه إلى إحالة عشرات المتهمين خلال العامين الماضيين إلى جهات التحقيق.

ولفت المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أنه تم استدعاء شخصيات ومشاهير ومسؤولي الشركات المتورطة في قضايا النصب العقاري وغسيل الأموال بتهم النصب والاحتيال وبيع وحدات سكنية وعقارات وهمية داخل الكويت وخارجها، مؤكدا أن قائمة المتورطين في القضايا ضمت مواطنين ومقيمين من جنسيات عربية.

من جهته، قال أمين سر اتحاد العقاريين في الكويت قيس الغانم، لـ”العربي الجديد”، إنه تم التحذير في وقت سابق من الثغرات الموجودة في اللوائح والإجراءات الخاصة بالمعارض العقارية والتراخيص الممنوحة للشركات العقارية في الكويت.

وأشاد الغانم بالخطوات التي اتخذتها الحكومة الكويتية، ممثلة في وزارة التجارة والصناعة، التي كلفت فريقا من المحامين بالتدقيق في عقود بيع العقارات وشرائها، حيث قررت الوزارة في وقت سابق، اشتراط وجود إقرار من محام كويتي معتمد من أجل إنجاز عمليات البيع والشراء للوحدات السكنية والعقارات.

وأوضح أن القرارات الأخيرة لوزارة التجارة والصناعة الكويتية ستساهم بشكل كبير في منع عمليات غسيل الأموال التي تتم عبر الصفقات العقارية، فضلا عن محاربة ظاهرة النصب العقاري التي انتشرت خلال السنوات الخمس الأخيرة. وأكد الخبير الاقتصادي الكويتي بدر الحميدي أن غياب دور الحكومة عن عمليات غسيل الأموال التي تمت عبر الصفقات العقارية الوهمية والمبالغ الكبيرة وتم غسلها داخل الكويت، تدق جرس الإنذار، داعيا إلى تشديد القوانين، خصوصا في ظل الفساد غير المسبوق الذي وقع ضحيته المئات من المواطنين.

وحذر الحميدي خلال اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، من إمكانية تصنيف الكويت كدولة لديها بيئة أعمال تسمح بغسل الأموال وتمرير الصفقات العقارية الفاسدة بسبب تقاعس الجهات الحكومية. وطالب الحميدي الحكومة ونواب مجلس الأمة بتشديد القوانين والإجراءات لمكافحة الفساد، وخصوصا عمليات غسيل الأموال، مؤكدا أن الرأي العام الكويتي غاضب بشدة بسبب الإعلان عن قضايا فساد كبيرة.

بدوره، أكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت محمد الهاجري لـ”العربي الجديد”، أن حماية سمعة الكويت واجب على جميع الأفراد والجهات الحكومية، مشددا على أن التهاون مع هذا النوع من القضايا سيؤثر على الوضع المالي للدولة وتراجع مركز الكويت في مؤشرات مدركات الفساد ومكافحة غسيل الأموال.

وأشار الهاجري إلى أن وزارة التجارة والصناعة الكويتية تتحمل مسؤولية أزمة النصب العقاري والصفقات العقارية وعمليات الشراء التي تمت داخل الكويت بعدما تم منح التراخيص للشركات الوهمية.

وخلال الأشهر الماضية، تم الكشف عن العديد من قضايا الفساد التي أثارت غضب الرأي العام الكويتي، خصوصا قضيتي غسيل أموال الصندوق الماليزي المتورطة بهما شخصيات كويتية والرئيس الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق، وقضية النائب البنغالي الذي قدم رشاوى لمسؤولين في الجهات الحكومية ونواب لتسهيل معاملاته وجلب عمالة من بنغلادش مقابل مبالغ كبيرة.

فضلا عن قضايا أخرى، مثل ضيافة وزارة الداخلية الكويتية واختلاس أموال مؤسسة التأمينات الاجتماعية الكويتية المتورط بها الهارب فهد الرجعان، وغيرها من الملفات.