بالأرقام: ما دفعه اللبنانيون بثلاث سنوات يبني معامل كهرباء

بالأرقام، تقدر قيمة ما دفعه اللبناني منذ ثلاث سنوات، بدل رسوم وضرائب على فاتورة الكهرباء نحو 54 مليار ليرة، على اعتبار أن هناك نحو مليون و550 ألف مشترك، يسددون ما يقارب 35 ألفاً من قيمة الفاتورة على شكل ضرائب ورسوم تفرضها الدولة، كالضريبة على القيمة المضافة وبدل اشتراك، وغيرها.

في لبنان، وحسب التقارير الرسمية الصادرة عن مؤسسة كهرباء لبنان، يوجد نحو مليون و550 ألف عداد-مشترِك، يسددون شهرياً ما لايقل عن مليار و550 مليون ليرة لبنانية، يضاف إليها ما لايقل عن 50 مليون دولار شهرياً يسددها نحو مليون مشترك لأصحاب المولدات الخاصة (على اعتبار أن متوسط ما يدفعه مليون مشترك قد يصل إلى 50 دولاراً شهرياً)، ما يعني أن المواطن اللبناني سدد ما لايقل عن مليار و800 مليون دولار بدل اشتراك في المولد الخاص خلال ثلاث سنوات، يضاف إليهم نحو 54 مليار ليرة بدل فواتير تسدد للدولة اللبنانية.

“هذه المبالغ كفيلة ببناء أكثر من معمل لتوليد الكهرباء، وإضاءة منازل اللبنانيين”، حسب مايراه المدير العام السابق في وزارة الطاقة والمياه، غسان بيضون. ويرى في حديثه لـ”المدن”: أن ما تم تسديده من المواطن اللبناني كان كفيلاً لإنارة بيوت اللبنانيين. لكن سوء الإدارة والسرقات، والصفقات المشبوهة، حالت دون ذلك. ما جعل المواطن اللبناني اليوم مرتهناً، تارة لأصحاب المولدات، وطوراً لحاجة الحكومة لفرض المزيد من الضرائب من أجل الحصول على إيرادات عامة”.

من المفارقات العجيبة في لبنان، أن قيمة الرسوم التي يدفعها اللبناني من ضمن فاتورة كهرباء الدولة، تصل إلى أكثر من 60 في المئة من القيمة الإجمالية لفاتورة الكهرباء. فعلى سبيل المثال، إن كان اللبناني يسدد نحو 75 ألف ليرة قيمة فاتورة الكهرباء، فإن نحو 30 ألف ليرة قد تكون على شكل رسوم، ما يجعل الفاتورة الأغلى من حيث القيمة الأسمية.

يعلق بيضون على قيمة الرسوم التي تفرضها الدولة ضمن فاتورة الكهرباء، بأنها جزء من مساعي السلطات اللبنانية للحصول على إيرادات مالية، بهدف توزيعها على مشغلي وموزعي الكهرباء، أو بدل رواتب وأجور للموظفين، من دون أن يكون هناك أي خطة فعلية واضحة لكيفية تشغيل قطاع الكهرباء. ولذا يرجح بيضون في الفترة المقبلة، أن تسعى الحكومة إلى فرض المزيد من الضرائب على القيمة الفعلية للكهرباء، وهو ما قد يأتي بنتائج عكسية، حسب تعبيره.

وفق بيضون، فإن الحديث عن زيادة الرسوم على فواتير الكهرباء، قد يكون بمثابة إعلان جديد، يسمح بموجبه بفتح مجال أوسع للسرقات، لأن القدرة الشرائية اليوم لللبنانيين قد لا تتناسب ونوعية الضرائب والرسوم التي تفرضها الحكومة.

حسب بيضون، لا يمكن الحديث عن خطوات واقعية للخروج بحل واضح بشأن مشكلة الكهرباء في الوقت الراهن، بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، ويرى أن المشكلة ليست وليدة اليوم، ولا يمكن من خلال فرض الرسوم، أو زيادة الأعباء المالية على المواطن، حل مشكلة الكهرباء. وبالتالي، ما تحدث عنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قد يكون أسلوباً جديداً لسرقة اللبنانيين، حسب تعبير بيضون.

ويذكر بيضون بأحكام مواد وردت في قوانين الموازنة العامة اعتباراً من 2017 ولم يتم الحديث عنها في الموازنة الحالي، والتي سبق وركزت على اتخاذ الإجراءات اللازمة لخفض العجز المالي لكهرباء لبنان، وتحديد سقف لقيمة سلفة الخزينة التي تعطى لدعم المحروقات بما لا يتجاوز الـ 2100 مليار ليرة لعامي 2018 و2019. لكن أياً من هذه المواد لم يتم ترجمته على أرض الواقع. ولذا، بدأت الأزمة تظهر بشكل أكثر حدة مع إفلاس الدولة والدخول في الأزمة الاقتصادية والمالية.

حسب مؤشر Numbeo وهو مؤشر عالمي، يقيس قيمة الفواتير التي يتم تسديدها شهرياً من قبل المواطنين في جمع أنحاء العالم، يظهر أن قيمة فاتورة الكهرباء تضخمت مقارنة مع قيمة الأجور بنسبة 300 في المئة. إذ أدى انخفاض قيمة العملة اللبنانية مع محدودية الرواتب إلى ارتفاع قيمة الفواتير. وحسب المؤشر، تصل تكلفة الكهرباء التي يسددها المواطن اللبناني إلى ما بين 35 و55 دولاراً شهرياً، وهي الأعلى بين الدول العربية، باستثناء دول الخليج.