بانتظار اجتماع مجموعة العمل المالي في نهاية الشهر الجاري ومعرفة مصير لبنان

يترقب لبنان تقييم مجموعة العمل المالي الدولية في الاجتماع الذي ستعقده في نهاية شهر أيار الجاري لتحديد تصنيف لبنان في ظل تخوف من وضعه على اللائحة الرمادية ، بعد ان اعطته مجالا لتحسين وضعه خلال الاجتماع السابق في شهر تشرين من السنة الماضية .

والمعلوم أن السبب الأول لإمكانية وضع لبنان على اللائحة الرمادية هو حجم الاقتصاد النقدي الذي من خلاله يتم النفاذ الى عمليات تبييض الاموال و تمويل الإرهاب ، ولكن لا يبدو أن السلطات قامت بتقليصه حتى اليوم ،على الرغم من أن مصرف لبنان أصدر مؤخراً بياناً ذكر فيه انه يعمل ومنذ فترة، من اجل اعادة تشجيع استعمال وسائل الدفع الالكترونية، وتخفيف استعمال الدفع النقدي (الكاش) في السوق اللبنانية.

فهل سيتم وضع لبنان على اللائحة الرمادية؟ ام سيمنح فرصة ثانية ؟وما هي تداعيات هذا الأمر؟

وفق معلومات الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور أنيس أبو دياب لن يتم وضع لبنان على اللائحة الرمادية في الاجتماع المرتقب في أواخر شهر أيار الجاري من قبل مجموعة العمل المالي الدولية ، وهي منظمة مالية دولية تلاحق الدول التي لديها تبييض اموال وتمويل إرهاب .

وإذ رأى أبو دياب في حديث للديار أن لبنان قطع هذه المرحلة، أشار إلى أن مجموعة العمل المالي الدولية التي ستجتمع في شهر تشرين المقبل أعطت لبنان فترة سماح التي تُعطى للمرة الثانية، بعدما كنا معرضين في شهر تشرين من السنة الماضية أن نوضع على اللائحة الرمادية ،” و قدمنا وعوداً بتطبيق الإصلاحات في المالية العامة والمصارف وتوقيف الاقتصاد النقدي ولم يتم تنفيذ هذه الوعود ولذلك بتنا مهددين لمرة جديدة بوضعنا على اللائحة الرمادية”.

و أوضح أبو دياب أن اللائحة الرمادية تسبق اللائحة السوداء التي تُعد اكثر خطورة بشكل كببر، لافتاً أن اللائحة الرمادية تزيد أعباء و تكاليف التحويلات المالية من لبنان إلى الخارج ومن الخارج إلى لبنان، وبالتالي تصبح المصارف المراسلة لكثير من المصارف اللبنانية رافضة لفتح حسابات لها، لأن لبنان في وضعه على اللائحة الرمادية المصنف بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مشيراً أن هذا الأمر نتاج بعض التشوهات المالية والنقدية في الأسواق المالية.

ويقول أبو دياب وفق تقارير البنك الدولي والكثير من المنظمات المالية الدولية حجم الاقتصاد النقدي في لبنان الذي يتداوله الناس خارج المؤسسات المالية وتحديداً خارج القطاع المصرفي يوازي نصف الناتج المحلي او أكثر، أي هناك حوالى ١١ مليار دولار سنوياً في الاقتصاد اللبناني خارج القطاع المصرفي، لافتاً أن أكثرية هذه الأموال تذهب للتهريب والتهرب الجمركي وتمويل الإرهاب ،” و بالتالي هذه أموال غير مشروعة الهدف منها تبييض الأموال غير المشروعة وجعلها مشروعة”، معتبراً ان لبنان مهيأ لهذا الأمر بسبب غياب الانتظام المؤسساتي والانتظام المالي .

ويرى أبو دياب أن مجموعة العمل الدولية أعطت لبنان فرصة ثانية بعد تقديم حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري تطمينات حول البدء من الحد من الاقتصاد الشرعي والاقتصاد النقدي، من خلال مراقبة الصيارفة ومؤسسات التحويل المالي ك omt وغيرها التي هي شكل من اشكال التحويلات النقدية خارج القطاع المصرفي، كما وعد بإعادة هيكلة القطاع المصرفي من خلال قوانين جديدة .

وإذ لفت أن فترة السماح التي اعطتها مجموعة العمل الدولية للبنان لمدة خمسة أشهر التي تخولنا على الأقل ان نخفض كمية التحويلات، اعتبر ان وضع لبنان على اللائحة الرمادية لا يعني أننا أصبحنا معزولين مالياً عن العالم كما يظن البعض، لافتاً أننا قبل العام ٢٠٠٠ كنا على اللائحة الرمادية وكذلك دبي كانت موضوعة على اللائحة الرمادية لكن تكاليف التحاويل على لبنان ستكون مرتفعة جداً يقول أبو دياب، بالإضافة إلى ان المؤسسات المالية الدولية تتردد في التعامل مع لبنان لأن هناك شبهات تبييض أموال وتمويل إرهاب، وبالتالي تصبح كلفة إيجاد مصادر تمويل للقطاعين الخاص والعام أعلى بشكل كبير، وكذلك كلفة التحويل للقطاعين العام والخاص من لبنان إلى الخارج ومن الخارج إلى لبنان أعلى أيضاً، وباالتالي يصبح التعاطي مع صندوق النقد الدولي أصعب والعمليات المالية المرتبطة بالمنظمات المالية الدولية أصعب .

ويأمل أبو دياب في الختام أن ينتظم العمل المؤسساتي لأنه الأساس لعدم وضعنا على اللائحة الرمادية، والتي تبدأ بحصر الاقتصاد النقدي وتخفيض نسب التهرب الجمركي والتهرب الضريبي، إضافةً إلى انتظام المؤسسات المالية من خلال إعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي.