بعد الكهرباء انقطاع المياه في طرابلس… فواتير كهرباء تعادل نصف راتب

بعد انقطاع الكهرباء المتواصل في طرابلس، انقطعت المياه عن منازل الطرابلسيين لتكتمل أضلع المعاناة اليومية، في مدينة تكاد تكون خارج خارطة الاهتمام الرسمي للدولة اللبنانية، ولتصنف بالفعل انها المدينة الافقر على شواطىء المتوسط…

اهالي المدينة فواتير الكهرباء، وباتت هذه الفواتير حديث المجالس الشعبية اليومية، نظرا لحجم ارتفاعها غير المسبوق. وقدرت اقل فاتورة بما يعدل نصف راتب جندي في الجيش اللبناني. وما يثير الاستهجان والمضحك المبكي، انه في حال تخلف المشترك عن تسديد فاتورته في المهلة المحددة، فان مؤسسة الكهرباء مضطرة الى قطع الكهرباء، مع ما يترتب على القطع من رسوم اضافية سوف تتراكم وتتضاعف مع التأخير.

وهنا يتندر الاهالي متسائلين: يقطعون التيار الكهربائي في مدينة تعيش في الظلمة الشاملة منذ اسابيع، ومن تقنين كهربائي قاس، فعن اي تيار كهربائي يتحدثون؟ فواتير الكهرباء المرتفعة دفعت بكثير من العائلات الى نزع ساعات الكهرباء والغاء الاشتراك، والاكتفاء باشتراك المولدات التي باتت “أهون الشرين”.

لم تقتصر المعاناة على الكهرباء، فقد أعقب انقطاع الكهرباء انقطاع شامل للمياه، لترتفع وتيرة المعاناة في ابنية المواطنين الذين لامسوا حدود التمرد والعصيان المدني، مع سخط يتصاعد ويخرج الى العلن وقرب تنظيم تحركات شعبية باتجاه نواب المدينة، الذين لم يحركوا ساكنا حيال هذه الازمات المتمادية والمتواصلة منذ سنوات، ولاعتقادهم ان انماء غير متوازن تنفذه الادارة اللبنانية الرسمية، وتبقى طرابلس خارج معادلة الانماء.

وتقول الاوساط الشعبية، ان اجحافا كبيرا تناله طرابلس في ظل عجز نوابها الذين لم يتمكنوا منذ سنوات انتزاع حقوق المدينة، مما اوصلها الى ما هي عليه من اهمال وحرمان على مختلف الاصعدة الحياتية والبنيوية والخدماتية والاجتماعية.

احد الناشطين لاحظ ان نواب المدينة لم يتمكنوا الى اليوم من التلاقي في اجتماع واحد لمناقشة شؤون مدينتهم، والتضامن بتوحيد جهودهم لانقاذ مدينتهم المهملة، وكأنهم يعيشون خارج المكان والزمان، يتنازعون ويتسابقون على كراس ومناصب ومصالح، والواقع يزداد تقهقرا وتدحرجا نحو الهاوية، وكل ما يقال عن مشاريع انمائية من هذه الجهة او تلك، محض كلام وشعارات لا تمت الى الواقعية بصلة.

لسان حال الاهالي في طرابلس، ان في المدينة 8 نواب ورئيس حكومة ووزير داخلية، والمدينة حظيت على مدى سنوات مضت بمواقع في السلطة والادارة اللبنانية، والتي لم تحظ بها اي مدينة اخرى، فعلى سبيل المثال لا الحصر حظيت طرابلس مرة بخمسة وزراء في حكومة واحدة، لكنها بقيت مدينة خارج خارطة الانماء، الى درجة ان شبكة المواصلات فيها وفي احيائها تعتبر الاكثر رداءة في لبنان ، وان فيها مرافق حيوية غاية في الاهمية كالمعرض الدولي والملعب الاولمبي والمرفأ، ولكنها مرافق مهملة ويتآكلها الصدأ.

اكثر من ذلك، ان ما اصاب طرابلس اليوم من انقطاع كهرباء ومياه وضعها في موقع محرج جدا على مستوى الادارات والمحلات والمؤسسات، التي سترفع من مستوى استهلاك المولدات والفواتير، لدرجة ان الراتب سيذهب حتما لتسديد فاتورة الاشتراك، اما الحاجيات اليومية فسترفع من الاعباء وتثقل كواهل المواطنين، فيما النواب غائبون عن الوعي وعن ايجاد حلول سريعة، وكأن خلف الكواليس من يدفع نحو انتفاضة شعبية نعرف متى تبدأ، ولا نعرف متى وكيف تنتهي.

ويبقى ان بعض الاوساط الطرابلسية طرحت تساؤلات ذات ابعاد سياسية: صمت نواب طرابلس عجز ام تواطوء؟ وهل من مستفيد بين النواب من انقطاع الكهرباء والمياه لزيادة ارباح وثروات من اشتراكات المولدات والمياه، سواء بالامتلاك او حماية متوافرة لاصحاب المولدات؟

تساؤلات شعبية قيد التحقق والمتابعة وبرسم المعنيين، ولعل الوعي قد يكون بلغ النضج في المواسم الانتخابية المقبلة…