«بنك التنمية اللبناني»: العبور نحو الدولة بالإنتاج

في الفترة الأخيرة بات طرح التحوّل من «اقتصاد الريع» إلى «الإنتاج» مقولة رائجة. عمليّة التحوّل هذه ليست بسيطة أو فورية. قد يكون ممكناً تحفيز الإنتاج على المدى القصير لتقليص الضغط عن الميزان التجاري وخدمة التوازن في ميزان المدفوعات، إلّا أنّ هذا الأمر غير كافٍ لإعادة بناء الاقتصاد المنتج الذي دمّره نهج ما بعد الطائف. يحتاج الأمر إلى تعديل في البنية الاقتصادية تكرّسه سياسات متوسّطة وطويلة الأمد موجّهة نحو أهداف استراتيجية. تطبيق السياسات يتطلب أدوات أهمّها أدوات التمويل مثل «بنك التنمية». بالاستناد إلى تجارب دولية سابقة يمكن تطبيق فكرة «بنك التنمية» بشكل فعّال في لبنان.

«بنك التنمية» هو شكل من أشكال هذه المؤسّسات التمويلية. أمّا الغاية من إنشائه فهي تأمين التمويل وتيسير الاستثمار في البنى التحتية والقطاعات المنتجة عبر الفوائد المتدنية والآجال الطويلة. كما يقع على عاتقه تأمين رأس المال العامل (working capital) وتمويل الاستثمارات طويلة الأمد، عبر القروض أو حتى عبر شراء حصص في الشركات أو المشاريع المموَّلة. وللتأمين على القروض، يقوم هذا البنك بمتابعة أعمال الشركات المقترضة، في بعض الأحيان من خلال تعيين أحد أعضاء مجلس إدارة الشركة من طرفه، ما يمكّنه من مساعدة هذه الشركات في كشف أيّ مشاكل تعترض عملها في وقت مبكر، إضافة إلى تقديم المساعدة التقنية. كما أن من مسؤوليات هذا البنك تنفيذ سياسات الدولة، فمثلاً قد تكون قروضه موجّهة نحو قطاعات معينة، أو نحو مناطق جغرافية معينة.
عالميّاً، تعتمد الحكومات على هذا النوع من المصارف بشكل كبير. يقول نيكولاس بروك في دراسة نشرت عام 1998 أنه حدّد 550 بنك تنمية حول العالم، منها 520 بنكاً وطنياً.
هناك تجارب دولية ناجحة في مجال «بنوك التنمية» في عدد من الدول التي أنجزت خطتها الصناعية.

يمكن إنشاء «بنك التنمية اللبناني» من أجل ترشيد استعمال موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية في مشاريع مولّدة للقيمة (value generating) بدلاً من استخدامها في الاستهلاك السلبي أو بقائها في المصرف بلا جدوى.

وبحسب تقرير صادر عن المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، فإنه يمكن إنشاء مثل هذا البنك في لبنان من أجل دعم المشاريع الإنتاجية لإعادة تكوين رساميلها، وإنشاء وتطوير البنى التحتية في مجالات الطاقة والنقل والاتصالات والمياه، ودعم الصادرات ذات القيمة المضافة العالية، وتحفيز مشاريع وبرامج الابتكار التكنولوجي الصغيرة والمتوسطة. يمكن التوسّع بهذا الطرح من خلال دور إضافي يتعلّق بتأمين تواصل القطاع الخاص في لبنان مع الشركات الأجنبية لتأمين التمويل الخارجي (مع ضمانات كما في الحالة الكورية)، أو لتفعيل شراكات لنقل الخبرات والتكنولوجيا الأجنبية إلى لبنان أو لجذب استثمارات خارجية وتوظيفها في المشاريع الوطنية.

 

للاطلاع على المقال كاملاً:

http://www.al-akhbar.com/Issues/299011