تراجع مفاجئ في مبيعات ديون الأسواق الناشئة

حدت الأزمة العالمية المرتبطة بما يحدث في منطقة البحر الأسود وتبعاتها المنجرة عنها من خلال إقدام البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة في إبطاء دورة نمو سوق الديون في الأسواق الناشئة بشكل مفاجئ. وأظهرت بيانات جمعتها بلومبرغ أن مبيعات القروض في تلك الأسواق تراجعت الشهر الماضي لأدنى مستوى لها منذ عشر سنوات تقريبا.

وبحسب الأرقام، جمعت حكومات وشركات الدول النامية حوالي 30.6 مليار دولار من السندات المقومة بالدولار أو اليورو في أبريل الماضي، في تراجع بنسبة 48 في المئة على أساس سنوي.

وفي مواجهة التأثير على المعنويات من الحرب في أوكرانيا وتبني البنوك المركزية العالمية لموقف أكثر تشددا أثناء محاولاتها ترويض التضخم، بات المقترضون في الأسواق النامية أكثر تخوفا.

وتجاوز متوسط العائد على الديون الدولارية مطلع هذا الشهر نحو 6.3 في المئة، وهو أعلى مستوى في عامين، مما جعل تكلفة الاقتراض متعذرة على المصدرين من التصنيف دون الدرجة الاستثمارية من الأسواق الناشئة.

وخلال الشهر الماضي اقترضت إدارة بلدية إسطنبول بفائدة 10.75 في المئة في إصدار بقيمة 305 ملايين دولار، بينما قالت كينيا إنها قد تلغي خطة لبيع مليار دولار من السندات الدولارية بنهاية يونيو المقبل بسبب القفزة في العائدات.

وبالتزامن مع ذلك، عانت الصناديق العالمية التي تركز على ديون الأسواق الناشئة من أكبر تدفقات خارجة منذ شهر أبريل 2020 في الأسبوع المنتهي في السابع والعشرين من أبريل الماضي مع سحب المستثمرين حوالي أربعة مليارات دولار.

ووفقا لتقرير نشره بنك أوف أميركا الأسبوع الماضي نقلا عن بيانات إميرجينغ بورتفوليو فاند ريسيرش غلوبال، وصلت التدفقات الخارجة منذ بداية العام الجاري إلى الآن 18.7 مليار دولار.

وكان محللون في بنك غولدمان ساكس قد توقعوا في مارس الماضي أن يردع تشديد السياسة النقدية للبنوك المركزية اتجاه الدول النامية إلى أسواق الدين الدولية.

وتأتي هذه الأرقام مخالفة لتوقعات المانحين الدوليين الذين يرون أن استمرار الأزمة في شرق أوروبا سيؤثر على الاقتصادات النامية مما يدفع حكومات الدول إلى المزيد من الاقتراض.

واعتبر البنك وصندوق النقد الدوليان ومنظمة التجارة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي خلال اجتماعات الربيع السنوية الشهر الماضي أن الحرب في أوكرانيا ستؤدي إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي برمته، وستكون تداعياتها أشد وطأة في الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل.

وفي فصل من تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي، قال صندوق النقد عشية الاجتماعات إن “عبء الديون قد يعيق النمو في البلدان المتقدّمة بنسبة 0.9 في المئة، وفي الأسواق الناشئة بنسبة 1.3 في المئة، على مدى السنوات الثلاث المقبلة”.

وفي تناغم مع هذا المؤشر رجح رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس أن تستمر أزمة الديون في التفاقم عام 2022، مشيرا إلى أن العديد من الدول النامية تعاني “ضغوطا مالية خطرة”. وأكد أنه في الإجمال، فإن 60 في المئة من الدول المنخفضة الدخل تعاني من مديونية مفرطة أو معرّضة بشدة لأن تصبح كذلك.