زيادة الرسوم الجمركية تضغط أكثر على اللبنانيين

بدأ اللبنانيون يشعرون بضغوط أكبر على قدرتهم الشرائية المنهارة أصلا بعد دخول زيادة تعريفة الرسوم الجمركية حيز النفاذ مطلع هذا الشهر في وقت يعانون فيه من لامبالاة السلطات في القيام بالإصلاحات المطلوبة.

وجاءت القفزة في الرسوم مع احتساب ضرائب الاستيراد بسعر صرف 15 ألف ليرة لكل دولار بدلا من 1507 ليرات، مما يعني أن التجار اضطروا فجأة إلى دفع المزيد لجلب منتجات مثل الأجهزة المنزلية أو الهواتف أو السيارات أو قطع الغيار.

وسيؤدي هذا الوضع إلى زيادة الضغط المالي على الناس وخاصة الفقراء الذين يكافحون لتغطية نفقاتهم مع تضخم قاس وعملة منهارة، بينما البلاد دخلت للتو في العام الرابع من أزمتها الاقتصادية الخانقة التي تفجرت في أكتوبر 2019.

ولعل ملاّك السيارات أكثر الناس تضررا من الخطوة، ففي كل مرة يتعطل فيها جزء من سيارته المرسيدس القديمة ذات اللون الرمادي يواجه سائق سيارة الأجرة في بيروت عبدالعميرات خيارات صعبه.

ويجد هذا المواطن الستيني نفسه إما سيضطر إلى دخول نفق الديون لشراء قطع غيار باهظة الثمن لسيارته، أو رفع الأسعار للزبائن الذين استنزفت جيبوهم بالفعل بسبب أزمة مالية حادة.

ويقول العميرات عن هذه المعضلة لرويترز إنها باتت أكثر حدة في الأشهر الأخيرة مع تحرك الحكومة لزيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة بنحو عشرة أضعاف في بلد يشحن أكثر من 80 في المئة مما يستهلكه بما في ذلك قطع الغيار التي يحتاجها.

ويضيف “تم الانتهاء من إطاراتي الآن، يمكنك أن ترى أنها مهترئة… عندما تمطر، أشعر بالقلق من أن السيارة ستنزلق، وصار تغييرها ضروريا، لكنني لا أستطيع تحمل ذلك”.

وأدى الانهيار الاقتصادي في لبنان إلى خسارة العملة لأكثر من 95 في المئة من قيمتها وترك ثمانية من بين كل 10 مواطنين فقراء، بحسب الأمم المتحدة.

ومع تضاؤل المدخرات من العملات الأجنبية، رفعت الدولة بالفعل الدعم عن الوقود ومعظم الأدوية.

ويقول المسؤولون إن رفع معدل احتساب الرسوم الجمركية سيعزز إيرادات الدولة ويعد خطوة نحو توحيد أسعار الصرف المختلفة.

وهي من بين الشروط المسبقة التي وضعها صندوق النقد الدولي في أبريل الماضي ليحصل لبنان على خطة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار، لكن مقرض الملاذ الأخير يقول إن الإصلاحات كانت بطيئة للغاية.

ويقول العميرات إن العديد من الركاب يطلبون بالفعل تخفيضات تصل إلى 40 ألف ليرة. وأضاف “هل تخبر أي شخص بأنك تريد أجرة مئة ألف ليرة؟”.

وأضاف “أنا أقول لهم في الأساس: لا تركب معي. ولا يمكنه تحمل الفاتورة، ولا يمكنني أخذه. إنه غير قادر على تناول الطعام”.

وقال ربيع فارس مهندس معماري من شمال لبنان بدأ في استيراد السيارات المستعملة عندما تباطأ العمل إن “السعر الجديد يجبر تجار السيارات على رفع الأسعار أو التوقف عن العمل”.

وأضاف فارس، الذي قدر أن يصل متوسط رسوم استيراد سيارة مستعملة واحدة إلى 94 مليون ليرة أي ما يعادل 156 ضعف الحد الأدنى للراتب الشهري “تحتاج إلى العمل من أربع إلى خمس سنوات فقط لتتمكن من تحمل الرسوم الجمركية على السيارة الآن”.

وقالت وزارة المالية إن الإيرادات التي تم جمعها في 15 يوما منذ دخول القرار حيز التنفيذ أظهرت “فرقا كبيرا”، لكنها أشارت إلى أن الأرقام ستكون جاهزة بحلول نهاية الشهر.

ووافق البرلمان على رفع رسوم التوريد في سبتمبر الماضي لكنه لم يطرح حتى ديسمبر، وهو تأخير قال وزير الاقتصاد المؤقت أمين سلام إنه “سمح للتجار بتحميل الواردات قبل رفع التعريفة مع زيادة أسعار البيع”.

وقال “عندما أعلنت عن ذلك قبل ثلاثة أشهر، بدا الأمر كما لو كنت ذاهبا وتخبر أولئك الذين لا يريدون العمل بشكل صحيح في السوق”. وأضاف “قلنا لهم اذهبوا وابحثوا عن طريقة للاستفادة. وهذا ما حدث”.

وهذا الأمر ترك وزير المالية متشككا في أن بلاده ستنفذ الإصلاحات اللازمة لتحقيق خطة إنقاذ نهائية متفق عليها مع صندوق النقد الدولي خلال الأشهر المقبلة.

وقال “بما نحن عليه الآن، فأنا في رأيي الشخصي لا أتوقع حدوثه قريبا وهو ما يقلقني لأنه كما قلت كل يوم تأخير يكلف البلاد الملايين والملايين ويكلف الناس الألم والبؤس”.