…زيارة استطلاعية لـ”الصندوق” بانتظار الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة جديدة

منذ وصول وفد من صندوق النقد الى لبنان كثرت التكهنات عن أسباب الزيارة في ظل استمرار الفراغ الرئاسي وعجز حكومة تصريف الاعمال والمجلس النيابي عن القيام بأي خطوة اصلاحية مطلوبة، أي تحديد مصير الودائع والخطة المالية الاصلاحية، وإعادة الثقة بالنظام المالي ومسار التفاوض بين لبنان والصندوق. لكن منذ زيارة الوفد الاخيرة الى لبنان في ايلول العام الماضي لم يتغير شيء على أرض الواقع السياسي والاقتصادي، فما الذي أتى به الى لبنان وهل يحمل أفكاراً جديدة، أم جاء ليستمع الى طروحات جديدة حول الاصلاحات المطلوبة من المسؤولين اللبنانيين؟

يجيب مصدر متابع للزيارة «نداء الوطن» على هذا السؤال بالقول: «زيارة الوفد تأتي ضمن اطار برنامج التواصل بين الصندوق والدول التي يتواصل معها ومنها لبنان، موضحاً أنها «زيارة دورية شبيهة بالزيارات التي يجريها الوفد لكل الدول التي تتعاون معه ومهمته في لبنان استطلاعية، أي هدفها تكوين صورة واضحة عن الوضع المالي والاقتصادي والنقدي والمصرفي، وليس للبحث في الاصلاحات المطلوب تنفيذها عقب توقيع الاتفاق الاولي بينهما، اذ يعتبرونه (الاتفاق الاولي الموقع) «تخطاه الزمن» وهم بانتظار اعادة تكوين السلطة، أي وجود رئيس جديد للجمهورية وحكومة اصيلة لكي يتمكنوا من التفاوض مجدداً مع السلطة الجديدة ومعرفة ماذا تريد بالضبط».

يشير المصدر الى أن «الوفد كان مستمعاً ولم يطرح أي أفكار اصلاحية، بل أراد معرفة معطيات عن الوضع المالي والاقتصادي الحالي والمقبل، في ظل استمرار حرب غزة والجنوب، لكن المفارقة أنه خلال لقاءاته مع المسؤولين السياسيين والنقديين لم يستطع الحصول على المؤشرات الكافية حول الوضع الاقتصادي في لبنان، في ظل الشلل الحاصل والحرب الدائرة»، لافتاً الى أن «هذا ما دفع الوفد الى الاستعانة بـ»اصدقاء مختصين» لمعرفة الواقع الاقتصادي على الارض، وقياس مدى النشاط والانكماش في الحركة الاقتصادية التي يشهدها لبنان، والعجز في ميزان المدفوعات والقدرة الشرائية للبنانيين، ونسب النمو المتوقعة بسبب تداعيات حرب غزة والجنوب عليه وما هو افق الوضع الحالي والمستقبلي، مقارنة مع السنوات الماضية وما هي التوقعات لهذا العام والاعوام المقبلة».

هل بحث الوفد مع المسؤولين السياسيين والنقديين في ملف الودائع واعادة هيكلة المصارف؟ المصدر يقول: إن موقفه معروف لجهة إعادة هيكلة المصارف من خلال خفض التزاماتها، وتقليص أصولها من خلال شطب الفوائد وتحويل ودائع الى اسهم bail in او تحويل ودائع إلى ليرة lirafication وفق سعر صرف اقل من السعر المعتمد في السوق.

ويضيف المصدر: «وفد صندوق النقد يريد استمرار القطاع المصرفي، وهذا الامر لا يمكن أن يحصل من دون حل موضوع الودائع، لكنهم يعتبرون أن هذه المهمة تقع على عاتق المسؤولين اللبنانيين في الحكومة والبرلمان لتحديد الاولويات، خصوصاً أننا في مرحلة «تعليق الاتفاق بين لبنان وصندوق النقد»»، لافتاً الى أن «الوفد يجزم بأن ليس من مهامه فرض أي حل على اللبنانيين في ملف الودائع، لكن من الضروري ايجاد طريقة لسد الفجوة المالية المقدرة بـ 70 مليار دولار وهذه مهمة الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي. وقد اعاد الوفد التأكيد أمامهم عن استعداده بأن يدلي بدلوه تقنياً، أي تقديم المساعدة التقنية للحكومة والبرلمان والسلطات النقدية والمالية، لزيادة حجم الايرادات وتفعيل القطاع العام وغيرها من الخطوات لحل موضوع الودائع، وهناك عدة طرق وافكار واقتراحات تتداول ويتم طرحها».

ويجزم المصدر بأن رأي «الوفد في ما يتعلق بمصير القطاع المصرفي بأنهم مع استمراره شرط استعادة نشاطه الاساسي، اي تمويل الاقتصاد وتفعيل عمله سواء من خلال اعادة هيكلة أو طرق أخرى وهناك حاجة ملحة لاجراءات لاعادة تفعيل العمل المصرفي، لكنهم ليسوا مع نظرية أن كل المصارف اللبنانية مفلسة ويجب اخراجها من السوق والاتيان بأخرى جديدة».

ويختم: «لا يعوّل الوفد على فعالية السلطة السياسية في الفترة الحالية، ولا يتوقعون ان يقوم بأي خطوة فعالة لجهة الاصلاحات، مع الاشارة الى أنهم في الاساس يعتبرون أن الاتفاق الاولي يحتاج الى «تجديد» أو «نفضة» لكن ليس على الطريقة اللبنانية».