“سلامة المقامر” الذي استدرج ودائع اللبنانيين وقدّمها للمنظومة

شكّلت ندوة «ولاية حاكم مصرف لبنان… أزمة حكم أم حوكمة» التي نظّمها منتدى المدينة في مركز توفيق طبارة واستضافت كلاً من الاقتصادي روي بدارو والمدير السابق للشؤون القانونية في مصرف لبنان الدكتور توفيق شمبور، فرصة للإضاءة على الجانب الآخر من أسباب الانهيار الذي اندلع منذ نحو 4 سنوات، ألا وهو دور المقامر الذي أدّاه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ببراعة متناهية منذ أن وطأت قدماه أرض الحاكمية.

فرق بين سلامة ونعيم

وذكر شمبور أن «الحاكم السابق إدمون نعيم حين عيّن على رأس المركزي، كانت ثروته تبلغ نحو 14 مليوناً و300 ألف ليرة وأصرّ على إبقائها بالعملة الوطنية ووضعها في أحد أصغر المصارف آنذاك (فرعون وشيحا)، في حين أن الحاكم الحالي وضع كل أمواله بالدولار وفي المصارف الأجنبية في الوقت الذي كان يدعو فيه اللبنانيين لجلب أموالهم الى المصارف اللبنانية، والأنكى أنه يريد إعادة الودائع بالدولار بالعملة اللبنانية!!

كنت ضد ربط الليرة

بدارو من خلال معايشته بداية تعيين الحاكم، لفت الى أنه كان ضد ربط الليرة بالدولار، ومنع منذ ذلك الوقت من التحدّث بالإعلام الى أن وقع الانهيار»، معتبراً أن «ما حصل هو سرقة منظّمة للشعب اللبناني كلّفت الدولة غالياً، لأن تثبيت سعر الصرف كان مفيداً لمرحلة محددة وحصل في دول أميركا اللاتينية مثلاً، ومن استطاع الاستفادة من هذه التجربة عرف كيف يخرج منها بالوقت المناسب، ولكن لبنان بقي متمسكاً بها».

مصرف لبنان من المنظومة

أضاف: «لبنان تحكمه منظومة فساد، وتحوّل مصرف لبنان الى جزء من المنظومة خدمها وخدمته ومنحته الصلاحيات الواسعة التي تمتّع بها»، مشدداً على أنه «نبّه الى هذا الموضوع من خلال تقديم نصيحة للسفير البريطاني بأن يعرض على سلامة استضافة حاكم المصرف المركزي البريطاني مارك كارني للاستفادة من خبرته لكنه رفض، واليوم صندوق النقد يريد حاكماً يطبّق الإصلاحات ويغيّر واقع المركزي علماً أن سلامة موجود اليوم بفضل حماية المنظومة»، و اعتبر أن «غباء السياسة المالية أدّى الى ولادة شركة «فوري» وسيتمّ الكشف قريباً عن شركة أخرى استفاد منها السياسيون، وهذا يدلّ على أن المنظومة خطيرة وعنكبوتية وعلى الشعب اللبناني أن يأخذ المبادرة بالتغيير».

وختم: «أنا مع عدم استعمال الإحتياطي في المركزي في المرحلة المقبلة لتمويل صيرفة حتى لو ارتفع سعر دولار السوق السوداء، وأنا مع رفع الحد الأدنى للأجور بالدولار وبحسب المناطق وكلفة المعيشة. أما نوّاب الحاكم فهم يتوجّهون للاستقالة قبل 31 تموز كي لا يلاحقوا قانونياً، ومن دون انتظام سياسي نحن ذاهبون الى مشكلة كبرى».

ماذا وكيف حصل؟

حرص شمبور في مداخلته على الإجابة عن 5 أسئلة هي: ماذا حصل؟ وكيف حصل؟ وكيف تفاقمت الأمور؟ ومن هو المسؤول؟ وكيف الخروج من الأزمة؟ فلفت الى أنه «بحسب البنك الدولي، ما حصل في لبنان هو أكبر انهيار عرفته البشرية منذ القرن الثامن عشر، لكنه شخصياً يعتبره أول انهيار عالمي من بين 46 انهياراً عالمياً حصل وكان مصدره وسببه المصرف المركزي»، مشيراً الى أن «الانهيار الذي حصل في الولايات المتحدة في العام 1929 كان بسبب عدم تدخل المصرف المركزي هناك كما يجب، أما في لبنان فالانهيار حصل بسبب تدخل المركزي».

إستخدم أدوات غير قانونية

وتناول كيف استقدم سلامة ودائع الناس الموجودة في المصارف المراسلة بأدوات غير قانونية وأصدر شهدات إيداع لدى مصرف لبنان، وهاتان الوسيلتان غير قانونيتين بحسب المادة 83 الفقرة 7 والمادة 76 فقرة 9 التي تتحدث عن أنه يحق له إعطاء فائدة فقط على الليرة اللبنانية ولحالات جداً استثنائية»، مشدداً على أن «المبدأ هو أن لا تعطي فوائد. وقد ارتكبت الجريمة بالاشتراك مع المصارف. استقدموا أموال الناس من الخارج وراهنوا فيها في سوق الكازينو لتثبيت سعر الصرف، وقدّموها على طبق من فضة للسياسيين، وهذا الاستقطاب تمّ بطريقة (بونزي) وأنفقت الأموال بشكل غير قانوني والنتيجة الخطرة تشابكت فيها القضية المالية العامة مع المصارف مع النقد وحصل انهيار ثلاثي الأبعاد».

وأشار شمبور الى أن «الأمور تفاقمت بسبب المماطلة في إقرار القوانين التي يجب أن تقرّ من قبل مجلس النواب خلال وقوع الأزمات، أي الـ»كابيتال كونترول» ورفع السرية المصرفية. ومشاريع القوانين التي وضعت حول هذين الإجراءين معيبة وتدلّ على استهتار النوّاب بعقول اللبنانيين».

رقابة مفقودة

وفي معرض ردّه على نقطة «من هو المسؤول»، اعتبر «أنه لم يكن من الممكن التنبّؤ بما حصل لأن مفوّض الحكومة غير كفوء وأيضاً مفوّض المراقبة وطريقة التعيين غير نزيهة، وكان هناك تمويه وهو أن الحساب الذي يتدخل منه مصرف لبنان أخفي من ميزانية المركزي وعاد العمل به منذ شهرين، ولو أن الشعب اللبناني عرف بهذا الحساب وأن هناك تراكماً بالخسائر بالعملات الأجنبية لكان حصل تحرّك ضد ذلك».

أضاف: «هناك خطأ من الرقابة، والقانون لا يسمح برقابة ديوان المحاسبة على البنك المركزي للأسف، ووزراء المالية كانوا في السروال نفسه مع السلطة والمصارف، ورؤساء الحكومات يفتقدون الى المهنية ويخافون تحرّك الشارع ولذلك عمدوا الى تثبيت سعر الصرف، أما النوّاب فكانوا «شاهد ما شفش حاجة»، وبالرغم من كل ما حصل لم يحصل تحقيق نيابي. كما أن هناك مسؤولية على صندوق النقد لأنه كان يعلم أننا نسير نحو الانهيار ولم يبادر الى التدخل منذ العام 2017 وتنبيه الناس في الداخل والخارج».

تصفية لا تعافٍ

وحول نقطة «كيفية الخروج من الأزمة» رأى شمبور أن «ما يتمّ الحديث عنه اليوم هو كيفية التصفية وليس كيفية التعافي، لأنهم يبحثون كيفية توزيع الأموال المتبقية في القطاع المصرفي على المودعين، أما التعافي فهو كيف ندخل على النظام أموالاً جديدة وما يحصل حالياً هو قضاء على كل القطاع المصرفي»، مؤكداً أن «المفروض أن يحصل تحديد للمسؤوليات. فحين يكون الوضع القانوني سليماً يمكن جذب استثمارات جديدة على المصارف، واسترجاع أموال اللبنانيين الموجودة في الخارج أمر ممكن بعدها يحصل كابيتال كونترول».

بدارو: نوّاب الحاكم يتوجّهون للإستقالة قبل31 تموز كي لا يلاحقوا قانونياً

سيتمّ الكشف قريباً عن شركة أخرى (غير فوري) استفاد منها السياسيون أيضاً

شمبور: استقدموا أموال الناس من الخارج وراهنوا فيها في كازينو تثبيت الصرف

لو كان الشعب يعرف بما يحصل لما سمح بتراكم الخسائر بالعملات الأجنبية