سلامة يشعل سوق الصرف

أصدر سلامة، أمس، تعديلاً على التعميم 151 الذي كان يقضي بتسديد الودائع بالعملات الأجنبية المُحتجزة في المصارف (الدولار المصرفي) وفق سعر صرف 3900 ليرة، ليصبح سعر الدولار المصرفي 8000 ليرة ضمن سقف 3000 دولار أميركي للحساب الواحد شهرياً. وبحسب أعضاء في المجلس المركزي، فإن القرار أخذ في الاعتبار أنه لن تكون هناك زيادة كبيرة في الكتلة النقدية المتداولة بالليرة اللبنانية، وسيتم خفض نسبة «الهيركات» على الودائع. لكن المجلس يغفل أن «الهيركات» وقع بنسب عالية على عدد كبير من المودعين، ولا سيما أصحاب الودائع الأصغر، وأن الكتلة النقدية ستزداد حكماً وستضاف مفاعيلها الى المفاعيل المستمرة لرفع الدعم. هي مفاعيل تضخمية متدرّجة وشبه ثابتة قد تؤدي إلى رفع سعر الدولار بثبات أيضاً على مدى الأشهر المقبلة.

المعلومات تُفيد بأنّ القرار هو نتيجة عدة نقاط؛ ثمة معطيات يملكها سلامة عن أنّ الاتفاق على قرض مع صندوق النقد لا يزال بعيد المدى. كذلك، فإن لجنة المال والموازنة تستعدّ لإعادة المطالبة برفع سعر صرف السحوبات بالدولار المصرفي. لكن الأهم، أن طلب التعديل جاء من رئيس مجلس النواب نبيه برّي للتسويق الشعبوي. زيادة الكتلة النقدية ستؤدّي تلقائياً إلى زيادة الطلب على الدولار في السوق. صحيح أن سلامة يُحاول اللعب على تحديد سقف شهري للسحوبات بنحو 3000 دولار، إلا أن هناك فرقاً في الكمية المقابلة لهذه السحوبات بالليرة.

ما صدر لم يكن مجرّد تعديل لتعميم، بل قرار بإشعال سعر الصرف في السوق الحرّة، بكل ما يعنيه من تدمير للاقتصاد والمجتمع. سلامة يعرف أنّ واحداً من أُسس أي حلّ يكمن في توحيد أسعار الصرف، ولكنّه عوضاً عن ذلك يختار المُضاربة على الليرة وتدميرها مُخالفاً المادة 70 من قانون النقد والتسليف التي تفرض عليه اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان سلامة النقد والاستقرار الاقتصادي. رفع سعر صرف الدولارات المُحتجزة في المصارف هو «وهمٌ» أراد سلامة وبري، من خلاله، الإيحاء بأنّهما يحفظان للمودعين بعضاً من حقوقهم المصرفية، علماً بأن الهدف الحقيقي هو دفع الناس إلى سحب ودائعها بأي كلفة، سواء كانت كلفة هيركات مباشرة على الوديعة، أو كلفة تضخّم أسعار وتحفيز دوامة ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الحرّة. تنظيف ميزانيات المصارف ومصرف لبنان، هو الهدف عبر تحويل ما أمكن من ودائع إلى ليرات لبنانية. هذه هي أصلاً خطّة سلامة المُعلنة التي يكرّرها أمام المسؤولين اللبنانيين والدبلوماسيين الغربيين. هو ماضٍ في تنفيذها خلافاً لكل ما يحاك في الحكومة وفي صندوق النقد.

ما يحصل اليوم كان قد حذّر منه صندوق النقد الدولي في أيار 2020. قال الصندوق إن إطفاء خسائر البنك المركزي عبر خفض سعر العملة سيكون كارثياً على حياة الناس وينقل كلفة الخسائر لهم.