صندوق النقد يُشهر ال “كارت الأصفر” في وجه الحكومة والمجلس

ما هو الدافع الحقيقي لتنشيط صندوق النقد الدولي مفاوضاته مع لبنان، بعد فترة طويلة من الجمود النسبي؟ وما هي ” الروشتة” التي ركز عليها في جولته، التي بدأها منذ ايام على الجهات المعنية حكومة ومجلسا، لتأمين شروط تقديم المساعدة المالية التي تساهم في خروج لبنان من ازمته الاقتصادية والمالية؟

الصندوق على لسان رئيس بعثته في لبنان ارنستو راميريز يرمي الكرة في ملعب المسؤولين اللبنانيين، محمّلا اياهم مسؤولية الابطاء في اقرار الاصلاحات المطلوبة، ومحذرا من تداعيات هذا المنحى في ظل استمرار تردي الوضعين المالي والاقتصادي.

وكانت بعثة الصندوق بدأت منذ ايام جولة جديدة من المباحثات مع الرئيسين بري وميقاتي وعدد من الوزراء، وعقدت امس اجتماعات متتالية مع كل من: رئيس “لجنة المال والموازنة” ابراهيم كنعان، رئيس “لجنة الادارة والعدل” جورج عدوان، ورئيس “لجنة الاقتصاد” فريد البستاني، كما اجرت لقاءات نيابية اخرى بعيدا عن الاعلام.

ووفقا للمعلومات من مصدر نيابي، فان وفد الصندوق تحدث بلهجة تحذيرية عن ان لبنان هو في حالة حرجة تستلزم مبادرة جدية من الحكومة والمجلس النيابي لاقرار الاصلاحات الاقتصادية والمالية والادارية، لتفادي ما هو اخطر”.

وفهم من كلام رئيس بعثة الصندوق عن جولة جديدة له في ايلول المقبل، وان هناك ما يشبه المهلة لتحقيق هذه الاصلاحات، من اجل التوصل الى اتفاق ناجز مع لبنان.

ويقول المصدر انه في سياق حديثه عن الحالة الحرجة للبنان، استخدم رئيس البعثة توصيفات اتهامية مثل ” تبييض الاموال”، مركزا على سلبيات ومخاطر “سياسة الكاش” المعتمدة حاليا في لبنان، ومحذرا من تدحرجه السريع واقترابه بشكل مطرد من تصنيفه في القائمة الرمادية.

وتجنب وفد الصندوق في لقاءاته امس في المجلس، التطرق الى موضوع المودعين ومصير الودائع، وتجاهل ابداء رأيه في ما سمعه من النواب وتأكيدهم على ان اي حل او خطة يجب ان ترتكز على حماية حقوق المودعين.

وقال احد رؤساء اللجان لـ “الديار” ان وفد الصندوق لم يأت على ذكر هذا الموضوع، ولم يتحدث صراحة او مواربة عن شطب الودائع او الاقتطاع منها كما كان يفعل في السابق.

لكن مصادر مطلعة لم تستبعد ان يكون الوفد قد تحدث عن هذا الموضوع بالمنحى نفسه في اجتماعات اخرى. وتلفت المصادر الى ان بري لم ينف التحدث بلهجة حادة وحازمة امام الوفد منذ ايام في هذا الشأن، لقطع الطريق على اي فكرة تمس بحقوق المودعين، لذلك حرص بعد الاجتماع على تظهير موقفه هذا، مؤكدا باسم المجلس ” الحرص المطلق هلى اموال المودعين وحقوقهم كاملة، وان ضمان حقوق كل المودعين هي حجر الزاوية في الاتفاق مع الصندوق”.

وفي لقاءات المجلس امس، اكد رؤساء اللجان النيابية بلهجة واحدة على انه رغم الازمة التي يمر بها لبنان، فان هذا لا يعني الرضوخ لكل تعليمات وشروط صندوق النقد، مشددين بالدرجة الاولى على ضمان حقوق المودعين.

ووفقا لمصادر نيابة، فان وفد الصندوق اعرب بالدرجة الاولى عن قلقه من عدم اقرار قانون هيكلة المصارف المدموج بالتوازن المالي، معتبرا انه يشكل مدماكا اساسيا في الاصلاح المالي واعادة تنظيم استنهاض النظام المصرفي، وداعيا الحكومة والمجلس النيابي للكف عن تبادل كرة تحمل المسؤولية.

وكرر الصندوق عدم ارتياحه لمشروع قانون “الكابيتال كونترول” الموجود في المجلس، لكنه اعتبر ان اقراره افضل من عدم وجود قانون، واعتبر ان البدائل عما طرحه ويطرحه محدودة ومن لديه من بدائل فليطرحها.

وفقا للمعلومات المتوافرة ايضا، فان حكومة تصريف الاعمال بدأت بحثا مفصلا مع المصارف بالتعاون مع مصرف لبنان، لانجاز مشروع قانون متكامل في هذا الصدد، وانها ابلغت صندوق النقد ان التطورات بعد اندلاع حرب غزة والجنوب اللبناني والتداعيات الاخيرة لمشكلة النازحين، ساهمت في تأخر حسم هذا الموضوع، واعدة في تكثيف الجهود لانجاز المشروع واقراره في مجلس الوزراء واحالته الى المجلس.

ويقول مصدر نيابي ان الازمة الرهنة في ظل عدم انتخاب رئيس الجمهورية، اثرت بوضوح في مجمل العمل من اجل اقرار هذه القوانين الاصلاحية، محذرا من تأخر هذه الاصلاحات واستمرار الاقتطاع من اموال المودعين من دون حسيب او رقيب.