ضرورة تعديل المادة 45 من قانون ضريبة الدخل… لكن بضوابط

ضاهر: الخشية أن يستعمل هذا التعديل بصورة مغايرة للأهداف التي أوجد من أجلها، أي ممارسة التهرب الضريبي بطريقة ما تحت غطاء القيام بإعادة تقييم أو إخفاء معالم المخالفات التي حصلت جراء عمليات الدعم.

بغض النظر عن المواقف النيابية المؤيدة أو المعارضة لدراسة لجنة المال والموازنة مشروع القانون الرامي الى تعديل المادة 45 من المرسوم الاشتراعي رقم 144/6/1959 وتعديلاته (قانون ضريبة الدخل)، كونه مقدماً من حكومة تصريف أعمال، الا أنه من المفيد القاء الضوء على أهمية هذا التدبير في ظل الانهيار المالي الذي حصل وتأثيره على المكلف اللبناني. اذ ينص مشروع القانون الذي من المفروض أن يتم درسه في مجلس النواب “على الاجازة للمكلفين بضريبة الدخل، إعادة تقييم استثنائية لمخزونهم ولأصولهم الثابتة واعتماد معالجة استثنائية لفروقات الصرف الايجابية والسلبية الناتجة عن الذمم المدنية والدائنة بالعملة الاجنبية وعن الحسابات المالية بالعملة الأجنبية”.

يشرح الأستاذ المُحاضر في قانون الضرائب والمالية العامة، الدكتور كريم ضاهرلـ”نداء الوطن”، اهمية التعديل بالقول:”هذا التدبير كان مطلوباً في الاساس من القطاع الخاص والهيئات الاقتصادية في قانون الموازنة 2024، وكانت هناك مادتان تتعلقان بهذا الموضوع: اعادة التقييم واعادة التخمين لأصول ومخزون الشركات بسبب انهيار سعر الليرة”، موضحاً أنه “حين تم تسجيل هذه الاصول والمخزون دفترياً فهي لا تزال على السعر القديم اي على 1500 ليرة، في حين أن اليوم يجب تسجيل سعر الصرف في موازنة 2024 على 89.500، مما يظهر أن الشركات تحقق ارباحاً طائلة في حين أن في الحقيقة قيمة المخزون والاصول أقل من القيمة التي تّم شراؤها فيها بسبب الانهيار، وهذا ينطبق مثلاً على العقارات والمخزون”.

يضيف: “لذلك ارتأى مشروع القانون الذي تدرسه لجنة المال والموازنة السماح للشركات بأمرين، الأول يتعلق باعادة تقييم استثنائية كي لا تبقى على مرحلة 5 سنوات، لأن المادة 45 أساساً لا تعطي التقييم الا مرة كل 5 سنوات. والتعديل ينطلق من أن الظروف المتقلبة حالياً تسمح استثنائيا لكل الشركات باعادة تقييم كل عام وحتى نهاية العام 2026″، مشيراً الى أنه “في عملية اعادة التقييم تمّ رفع الضريبة حتى 15 بالمئة، وصارت الضريبة التي تدفعها الشركات نتيجة لاعادة التقييم مشابهة للضريبة التي يتم دفعها اذا باعت أصولها، هذا اول تدبير بسبب عدم الاستقرار المالي والاقتصادي، للتخفيف من وطأة الازمة على الشركات وافلاسها او تكليفها بضرائب مرتفعة جداً والسماح لها باعادة التقييم”.

يلفت ضاهر الى أن “اول تدبير لاعادة التخمين هو تعديل المادة 45 وله مبررات وأسباب موجبة”، لكنه يسجل لومه على “من يقدم اقتراحات قوانين او مشاريع قوانين، بسبب عدم ارفاق مشروع القانون بدراسات كافية ليتمكن المطّلع من معرفة انعكاسات هذا التدبير، سواء الايجابية أو السلبية أو أنه سيسمح بالتهرب الضريبي واللعب بالارقام، وهذا كله يحتاج الى دراسة اثر اقتصادي قبل اقراره في مجلس النواب، ليكون النواب على اطلاع كاف على ماذا يتخذون القرار”.

يضيف: “التدبير الثاني هو اعادة التقييم الاستثنائي، أي السماح في وقت ما وبسبب ظروف معينة، كما حصل بعد نهاية الحرب في لبنان، اذ صدر القانون 283 /1993 الذي سمح بعملية اعادة تقييم استثنائية لتدارك النتائج المترتبة عن انهيار سعر العملة حينها. واليوم هناك دراسة لاعادة تقييم استثنائية للاصول (اراضٍ/ اسهم) والمخزون (الربح المقدر والمقطوع)، لتدارك تدهور سعر العملة مع الاعفاء تماماً من الضريبة للأسباب التي شرحناها أعلاه”، لافتاً الى أنه “انطلاقاً من هنا تم السماح بعملية اعادة تقييم استثنائية. وهذا امر مفهوم ومنطقي لتدارك نتائج الارباح غير الفعلية (ارباح وهمية ناتجة عن تبدل سعر الصرف)، لكن الخشية أن يستعمل هذا التعديل بصورة مغايرة للأهداف التي أوجد من أجلها، أي ممارسة التهرب الضريبي بطريقة ما تحت غطاء القيام باعادة تقييم أو اخفاء معالم المخالفات التي حصلت جراء عمليات الدعم”.

يرى ضاهر أن “هذا المشروع القانون (اعادة التقييم الاستثنائية) يجب أن يتضمن مادة تشترط تنفيذ القانون رقم 240 الصادر في 16/7/2021، والذي طلب تدقيقاً جنائياً في حسابات من استفادوا من الدعم على السلع وهو لم ينفذ حتى اليوم. أي يجب أن يكون هناك ارتباط وثيق بين الاستفادة من اعادة التقييم للمخزون، مع تطبيق هذا القانون لمعرفة من خالف كي لا يتحول تعديل المادة الى عملية ابراء ذمة للمخالفين، واخفاء معالم المخالفات. ويجب ان يكون ايضاً مشروطاً برقابة دقيقة كي لا يستعمل هذا القانون لغير غايته اي معالجة موضوع تدهور سعر العملة وما نتج عنه”.

ويختم: “التأكد من ذلك هو طلب النواب، بعد اقرار القانون، ان تصلهم تقارير فصلية حول مدى تنفيذ هذا الاجراء، وأن يطلبوا تدقيقاً على العمليات التي حصلت والعمليات التي تقبل فيها وزارة المالية، للتأكد أن هذه الاجراءات تحصل ضمن اطار الهدف الموضوعة لأجله”.