ضعوا “تسعيرة” المحروقات قبل احتراق البلد!

فقدان المنظومة لجرأة الإعتراف بسعر المحروقات الحقيقي، أوقع البلد بكل أنواع الشرور. لليوم الثالث على التوالي تتساقط الكهرباء والمياه والغذاء والتنقلات، ومن خلفها آمال وأعصاب المواطنين، وقدرتهم على التحمل، تحت ضغط المواربة في تحرير سعر المحروقات. الشركات النفطية ضاعت بين تسعيرتي جهتين رسميتين، ففضلت الإستمرار في الإقفال. موزعو المحروقات أقفلوا خطوطهم. أمّا من فتح من المحطات فكان سببا لزحمة خانقة وإشكالات مسلّحة. وعلى هذا الأساس سجل لبنان رقماً قياسياً جديداً بالإستمرار من دون محروقات وكهرباء، ولكن بثمن باهظ فاق الخيال.

قد يستحيل إحصاء الأضرار التي لحقت بالقطاعات الإنتاجية والخدماتية نتيجة انقطاع الكهرباء بشقيها الرسمي والخاص لأكثر من 20 ساعة في أغلب المناطق وفقدان المحروقات وتعذر وصول العمال والموظفين إلى مؤسساتهم. هذه الحالة الشاذة عطلت كل البدائل. فلا كهرباء، ولا مولّدات إشتراك، ولا مازوت وبنزين للمولدات الخاصة ولا كهرباء لتعبئة اجهزة aps وups ولا كاز وغاز للقناديل، وفوق كل هذا فُقد الشمع من الأسواق.

واقع مأسوي بكل معنى الكلمة سببه أمر واحد: رفض تحرير سعر المحروقات والإنتقال إلى تحصين الطبقات الفقيرة وحمايتها بالإجراءات البديلة. والأخطر من كل هذا، ان الأزمة مستمرة وقد لا تنتهي بعد أيام قليلة. وفي حال إيجاد الحل لتوزيع ما يقرب من 73 مليون ليتر متبقية في خزانات الشركات الخاصة، فسنقع بعد أيام قليلة بأزمة فتح الإعتمادات المرهونة بمصرف لبنان حصراً. وان لم يتخذ القرار الرسمي بتحرير سعر صرف المحروقات فان البلد سيسير إلى الجحيم بكل ما للكلمة من معنى.