طفرة الذكاء الاصطناعي تهدد جودة الوظائف

يتزايد قلق الخبراء من التأثيرات السلبية التي قد يخلفها تنامي استخدام الذكاء الاصطناعي على أسواق العمل، ليس فقط من حيث الكم، بل قد يطال جودة الوظائف.

وتحمل التوقعات حول أسواق العمل العالمية خلال السنوات القليلة المقبلة في طياتها الكثير من التغييرات الجوهرية بالنظر إلى تأثير عالم التكنولوجيا المزدهر على قطاع الأعمال.

واعتبرت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (أو.إي.سي.دي) أنّ الذكاء الاصطناعي ستكون له “دون شكّ انعكاسات ملحوظة على سوق العمل، ولكن حتى الآن يؤثّر بشكل أساسي على جودة الوظائف أكثر من التأثير على معدلات التوظيف”.

وأشارت المنظمة التي تضم 38 عضوا في “توقعات التوظيف 2023” إلى الشكوك الكبيرة المحيطة بالآثار الحالية والمستقبلية للذكاء الاصطناعي، خاصة على صعيد التوظيف.

ولفتت إلى أنّ التكنولوجيا ستؤثر على “كافة قطاعات الخدمات تقريبًا وكلّ المهن” وأن “سرعة التطور المسجلة غير مسبوقة”.

وقالت إنّ “هناك القليل من الأدلة على التداعيات السلبية الكبيرة للذكاء الاصطناعي على التوظيف”، معتبرةً أنّ “الآثار السلبية المحتملة” قد “تستغرق وقتًا قبل أن تبدأ بالظهور” فعليا.

وأضافت “حتى الآن تظهر الأعمال المنشورة أن الذكاء الاصطناعي يؤثر بشكل أساسي على جودة الوظائف”.

وفيما أشارت الدراسة إلى أنّ الموظفين وأرباب العمل أعلنوا أنّ الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقلل من المهام الشاقة والخطيرة، ويزيد من تحفيز العمال وسلامتهم الجسدية، لفتت إلى أنه في الوقت نفسه لا يخلو من المخاطر.

وكتب معدو الدراسة قائلين “يبدو أن أتمتة المهام البسيطة بواسطة الذكاء الاصطناعي قد أدت في بعض الأحيان إلى وتيرة عمل أكثر استدامة”.

واعتبرت أو.إي.سي.دي أنّ “للعمل الاجتماعي والحوار دورا رئيسيا” في مواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي، لاسيما بوضع القوانين أو من خلال “تشجيع أرباب العمل على تقديم التدريب”، وأيضًا عبر “دعم العمال والشركات في التحول نحو الذكاء الاصطناعي”.

في الجهة الأخرى، وفيما يتعلق بأسواق العمل، لاحظت الدراسة أنه “منذ عام 202 بدأ الانتعاش القوي المسجل بعد الركود الذي سببته جائحة كوفيد يتراجع”، بينما وصل التضخم إلى مستويات غير مسبوقة “منذ عقود في العديد من الدول”.

وقالت “مع ذلك لا تزال معدلات التوظيف على حالها… والبطالة وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ عدة عقود”.

وبالإضافة إلى ذلك تتراجع الرواتب الفعلية في غالبية بلدان المنظمة مع فقدان القدرة الشرائية “الذي يمثل مشكلة للعاملين من الأسر متوسطة الدّخل”.

وتشير التقديرات إلى أن نسبة البطالة العالمية تبلغ حوالي 5.8 في المئة. لكن الأرقام تختلف بين الاقتصادات الكبيرة، كالولايات المتحدة والصين، وبين الاقتصادات الناشئة مثل تركيا والبرازيل، والاقتصادات النامية مثل معظم البلدان العربية والأفريقية.

وفي مايو الماضي أظهر تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي عن حالة “مستقبل الوظائف” أن ربع الوظائف الحالية، أي نحو 23 في المئة، ستشهد تغييرات جذرية في السنوات الخمس المقبلة.

وأوضح المنتدى أن نمو بعض المجالات والوظائف، كأخصائي الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وأخصائي الاستدامة ومحلل ذكاء الأعمال وأمن المعلومات، يعتبر أكثر سرعة من نمو القطاعات الأخرى.

ورجح خبراء المنتدى من خلال دراستهم للعوامل التي ستعمل على هذا التحول بحلول 2028 أن مجالات التعليم والزراعة والتجارة الرقمية تستأثر بالنصيب الأكبر من هذا النمو.

وتعد التوجهات الكبرى، وخاصة الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر والامتثال للمعايير البيئية والاجتماعية والتعويل على سلاسل الإمداد المحلية، من بين العوامل الرئيسية لنمو الوظائف.

لكن في المقابل ستكون التحديات الاقتصادية، بما في ذلك ارتفاع نسب التضخم المالي وتباطؤ النمو الاقتصادي ونقص الإمدادات، أكبر خطر يهددها.