“غيض” الدولار للمودعين… و”فيضه” لإطالة عمر الأزمة

الأكيد أن “الكابيتال كونترول” لا يصب في مصلحة المصارف و”حيتان” المال، الذين لا يألون جهداً، ولا يوفرون وسيلة لتهريب أموالهم الخاصة. ومن المفروغ منه أن المصارف لم تقدم لغاية اليوم رقماً واحداً لكلفة المشروع يمكن الإتكال عليه. ومن الجلي أن لجنة المال والموازنة “ملأت” الفراغ القاتل الذي تمارسه الحكومة المستقيلة والقوى السياسية أملاً بتسريع الإصلاحات. إلا أنه في مقابل هذه البديهيات، هناك العديد من الإلتباسات عما إذا كان قانون “الكابيتال كونترول” في ظل الواقع الفوضوي، سيخدم الإقتصاد ويساعد المودعين أم سيشكل خسارة جدية نتيجة عدم أخذه الظروف المحيطة في الإعتبار.

لعلَّ “سخرية القدر” هي من “جمعت” في الأول من أمس “الكابيتال كونترول” الخارج من لجنة المال والموازنة، مع الموافقة الإستثنائية لإعطاء “كهرباء لبنان” سلفة خزينة لشراء المحروقات من أموال المودعين. لقاء “عاصف” أعطى صورة “قاتمة” عن مصير الودائع التي “ستُقنن” على أصحابها، وتشرّع “للدولة”، لاستمرار تمويل فشلها.

وفي جميع الأحوال يرى البروفسور خاطر أن “المبالغ المتبقية من مجمل الودائع لم تعد تتجاوز نظرياً 14 في المئة، بعدما عمد المركزي مؤخراً إلى تخفيض التوظيفات الإلزامية بنسبة 1 في المئة من دون وجه حق. ومن هذه النسبة الضئيلة ستدعم الدولة الفيول والأدوية الاساسيَّة، وتوزع فتات الودائع على المودعين كما نص التعميم 158، وتدعم الإستيراد عبر منصة SAYRAFA على سعر 12 ألف ليرة وتصنع العجائب. أمّا فعلياً فإن غياب معلومات دقيقة عن حجم احتياطي العملات الأجنبية في المصرف المركزي يثير الشكوك عما إذا كانت سلفة الكهرباء التي وقعت قبل يومين، ومن خلفها فتح بعض الاعتمادات لاستيراد المواد المدعومة تحسم من احتياطي العملات الصعبة، أم من التوظيفات الإلزامية التي يمنع القانون المس بها.

تشير مختلف دراسات صندوق النقد الدولي إلى أن الهدف الأساسي من إقرار قانون “الكابيتال كونترول” في البلدان التي تواجه أزمات مالية، هو إعادة إطلاق العجلة الإقتصادية وليس التجني بحق المودعين، بما يعني بحسب البروفسور خاطر “رفع حساسية الإستثمار مقابل حساسية رأس المال.

لا بدَّ لأي قانون “كابيتال كونترول” ناجح وفعَّال أن يرتكز على دراسة ميزان المدفوعات عبر دراسة قطاعيَّة للإقتصاد تحدد الاحتياجات، وتمنع التأثير السلبي على الإنتاج عبر السماح باستيراد المواد الأولية بهدف التصدير. وذلك خلافاً للقانون المعد محلياً، والذي لا تطال استثناءاته القطاعات الإنتاجية وتنحصر اهتماماته بمنع خروج رؤوس الأموال بطريقة مطلقة”.