“فقاعة” تخفيض الفوائد… بين الإقراض والاقتراض

انتظر اللبنانييون، الذين تتآكل رواتبهم ومدخراتهم بسبب تراجع سعر الصرف، قرار المصارف تخفيض الفوائد على القروض. فالمؤسسات والأفراد يرزحون تحت معدلات فائدة تحولت إلى “جهنمية”، كانت ترتفع باضطراد بالتوازي مع تشجيع “المركزي” للمصارف رفع الفوائد على الودائع من أجل جذب الدولار من الخارج. وبعد شهر من تعميم مصرف لبنان رقم 536 القاضي بتخفيض الفوائد على الودائع على الليرة والدولار إلى 8.5 و5 في المئة على التوالي، أعلنت جمعية المصارف تخفيض الفوائد على القروض. إلا ان هذا التخفيض لم يساوِ كلفة انتظاره، حيث لم تتراجع الفوائد على القروض إلا بنسبة 1.4 في المئة فقط، فحدد معدل الفوائد الدائنة قياساً إلى “BRR” أو ما يعرف بـ”مؤشر فائدة بيروت” بـ 9.35 على الدولار الأميركي و 12.45 في المئة على الليرة اللبنانية.

المشكلة بحسب الإقتصاديين تبقى في الفرق الشاسع بالفوائد على الإقراض والإقتراض، والذي يتجاوز الـ 10 في المئة، خصوصاً إذا أخذنا بعين الإعتبار ان الفائدة على الودائع بالدولار التي حددت بـ 5 في المئة لا يدفع منها بالدولار إلا 2.5 في المئة، فيما يدفع النصف الآخر بالليرة اللبنانية. هذا الفرق الشاسع بالفوائد على الإيداع والتسليف لا يحقق أرباحاً خيالية للمصارف فحسب، إنما يقضي على الإستثمار ويعدم مصلحة المؤسسات والشركات من نيل القروض من أجل التطور والنمو. فيما تعتبر هذه المعدلات مرهقة للأفراد، الذين بدأ يعاني قسم كبير منهم من مفاعيل النصف راتب، وقسم آخر من البطالة بسبب إقفال المؤسسات، فيما الكل يعاني من تراجع القدرة الشرائية بنسبة متوازية مع تراجع سعر الصرف بأكثر من 30 في المئة.

بغض النظر عن الطريقة التي تحتسب بها معدلات الفوائد على القروض، إلا أنها مرتبطة بشكل أساسي بالفوائد على الودائع، وعليه فان معدل الفوائد على القروض يجب أن يكون بحدود 7 في المئة، ذلك ان الفرق بين الفوائد على الودائع والفوائد على القروض يجب أن لا يتجاوز 2.5 في المئة. هذا الأمر لن يحصل طالما الدفة في يد المصارف، التي ما زالت رغم كل المآسي لا تفكر إلا بالربح على حساب الأفراد والمؤسسات، ما بات يحتّم على السلطة النقدية المتمثلة بـ”مصرف لبنان” مسك الرسن وشد اللجام واستعادة زمام الأمور قبل فوات الأوان.