لا تمديد لسلامة ومنصوري حاكماً مطلع آب…إلا إذا

تضيق المهلة الفاصلة عن انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بنهاية الشهر الجاري، أي بعد نحو عشرة أيام، وتكثر في مقابلها التكهنات حول مصيرين يرتبطان بهذا الاستحقاق الشائك: مصير الحاكم، ومصير الحاكمية.
حتى الحادي والثلاثين من تموز الجاري، يبقى المصيران متلاصقين، في ظل تجدد الكلام عن بقاء سلامة على رأس الحاكمية، إما عبر تمديد تقني مشروط بانتخاب رئيس للجمهورية، وإما عبر البقاء في كواليس الحاكمية مستشاراً مساهماً في حماية مصالح القلقين من خروجه من السلطة النقدية. يعمل المسوّقون لهذا المخرج، وهم في الواقع ممن بدأوا يتحسسون رقابهم خوفاً من مرحلة ما بعد خروج سلامة عن حصانة الحاكمية، على استغلال حال التململ السائدة، فيعيدون إحياء خيار التمديد، يساعدهم في ذلك عنصران: الأول مناخ التشنج الذي يسهم ايضاً في ارسائه من يدور في فلك الحاكم. وقد تجلى ذلك واضحاً ليل السبت – الاحد عندما أدت عمليات واسعة مفاجئة على الدولار الى رفع سعره على نحو غير مبرر، ما لبث ان تدخّل سلامة عبر بيان لطمأنة السوق. وكانت رسالته شديدة الوضوح ان “الامر لي” في ضبط الوضع، وان منصة صيرفة مستمرة، خلافاً لما كان اقترحه النائب الثالث للحاكم سليم شاهين.

المعطى الثاني يعكسه توجس بكركي من الفراغ المتمدد الى المؤسسات والمخاوف من تفلّت الوضع النقدي من أي ضوابط. وقد عكس رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب هذا المناخ في تصريحه بعد لقائه البطريرك الراعي، عندما قال انه “جرى التأكيد على ان الوضع سيبقى على ما هو في مصرف لبنان، وهذا كان رأينا نحن وسيدنا البطريرك وسيتم تغيير كل شيء مع انتخاب رئيس للجمهورية وتغيير الحكومة”. وحرص وهاب بهذا الكلام الصادر في بيان عن حزبه على التأكيد على توافر غطاء بكركي للتمديد لسلامة، و”إبقاء الوضع على ما هو”. هل تصحّ التوقعات الجديدة المعطوفة على تمنيات سيد بكركي، فيتم التمديد لسلامة لفترة مشروطة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، أم ان هذه التوقعات لا تخرج عن دائرة التواقين الى تحقيقها، وقد تزامنت امس مع الإعلان عن انتهاء التحقيق مع سلامة؟!

على رغم عدم التشابه بين مؤسستي مصرف لبنان والمديرية العامة للأمن العام لجهة الاستقلالية والنظام، إلا ان ما يحصل اليوم في مسألة الحاكم لا يختلف ابداً عما حصل مع المدير العام السابق اللواء عباس ابرهيم. وها هو المشهد يتكرر اليوم، فيما النتيجة في ملف الحاكمية لن تكون مختلفة عما كانت عليه في ملف المديرية. ولن تذهب التضحية بابرهيم سدى لكي يتم التمديد لسلامة اليوم!

وعليه، لن تجد الاقتراحات المتداولة للتمديد ما يبررها طالما ان قانون النقد والتسليف واضح، وقد أخذ مسألة الشغور في موقع الحاكم في الحسبان. فالمادة 25 منه تقول بأنه “في حال شغور الحاكم، يتولى نائب الحاكم الأول مهام الحاكم ريثما يعيّن حاكم جديد”. اما المادة 27 فتقول بأنه “في حال غياب الحاكم او تعذر وجوده، يحل محله النائب الأول، وفي حال تعذر على النائب الأول فنائب الحاكم الثاني، وذلك وفقاً للشروط التي يحددها الحاكم. وفي امكان الحاكم ان يفوض مجمل صلاحياته الى من حل محله”. وتنص المادة 30 على انه “لا يمكن للمجلس المركزي ان يجتمع لا في غياب الحاكم او من ينوب عنه، ولا في غياب المدير العام لوزارة المال او المدير العام لوزارة الاقتصاد”.

ماذا تعني هذه المواد عمليا، وما أهمية ذكرها اليوم؟

تردّ هذه المواد في شكل قانوني على كل الإشكاليات المطروحة اليوم في التداول حيال صلاحيات نواب الحاكم بعد انتهاء ولاية سلامة، خصوصا ما يتردد عن ان الصلاحيات تنتقل الى النواب الأربعة. والواقع كما أوردته المواد المذكورة يشير من دون أي لبس الى ان صلاحيات الحاكم تنتقل حصرا الى النائب الأول. اما النائب الثاني فيحل محله اذا قرر الحاكم او النائب الأول، في حين ان الصلاحيات لا تنتقل او تتشارك مع النائبين الثالث والرابع، لكن القرارات تُتخذ في المجلس المركزي الذي لا يلتئم الا بحضور الحاكم او من ينوب عنه.

وبما ان المخرج القانوني لمسألة الشغور قد وفّره قانون النقد والتسليف، فإن الفريق الذي ينتمي اليه النائب الأول لن يتراجع او يتخلى عن هذه الصلاحيات، ولن يسير بالتالي في أي خيارات أخرى تخالف القانون وتصب في مصلحة إبقاء سلامة في موقعه. من هنا، ترى مصادر سياسية انه كان الاجدى بالحريصين على بقاء الموقع الماروني في يد ابناء الطائفة ان يضغطوا في اتجاه تعيين حاكم جديد لفترة موقتة مشروطة بانتخاب رئيس بدلاً من اعتماد خيار غير قانوني يدفع نحو التمديد لسلامة، لأن الدفع بهذا الخيار يعكس حرصاً على الشخص وليس على الموقع!