لغة دولية واحدة: علامات استقرار واستحقاق ينذر بالإنفجار

يكتسب تقرير بنك الإستثمار الأميركي “غولدمان ساكس” حول الإقتصاد اللبناني، والذي يتحدث عن علامات استقرار رغم التحديات السياسية والإقتصادية، أهميةً ملحوظة لجهة التوقيت والمضمون، وذلك كون المؤشرات التي أوردها “واضحة وتعبّر عن مقاربة دولية متفقٌ عليها”، برأي الباحث والخبير الإقتصادي أنطوان فرح، الذي يكشف عن أن المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي “يتحدثون بنفس اللغة” التي تقول إن في لبنان اليوم “القليل من الأستقرار”.

ويذكّر الخبير الإقتصادي فرح في حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، بأنه منذ الإنهيار سنة 2019 كان الإقتصاد في منحى تراجعي دائم، إلاّ أن المشهد تبدل ابتداءً من 2023 وسجل نوعاً من الإستقرار والنموّ الطفيف في الإقتصاد اللبناني.

ورداً على سؤال حول علامات هذا الإستقرار، يقول فرح إنها تتمثل في قدرة مصرف لبنان المركزي، على زيادة الإحتياطي بالدولار وتثبيت سعر الصرف، كما في مناخ العمل المستقر وبنسبة مقبولة، في القطاع الخاص.

فهل من الممكن البناء على هذا الواقع للتفاؤل بالخروج من الأزمة الإقتصادية؟

يستبعد فرح هذا الأمر مشيراً إلى العديد من الإستحقاقات، التي من الممكن أن تظهر لاحقاً وتؤدي لنوع من الإنفجار وترجع لبنان إلى الوراء، علماً أن تقرير “غولدمن ساكس” أشار إلى أحد هذه الإستحقاقات، وهو التطور البطيء للمفاوضات مع صندوق النقد، بما يعني أن لا إصلاحات في البلد ومن الممكن أن لا يتمّ الإتفاق مع الصندوق، وهذا مؤشرعلى غياب الثقة بقدرة لبنان على التفاوض مع المقرضين باليوروبوندز، وباحتمال الوصول إلى أزمة كبيرة.

ويتحدث فرح عن نقطة وردت في التقرير، حول خسائر المصارف التي يقدرها مصرف لبنان بين 65 و 70 مليار دولار، بينما بالواقع فإن الخسائر الأساسية هي لدى الدولة و ليس لدى المصارف ولا حتى مصرف لبنان. ويؤكد فرح أنه لدى المصارف إلتزامات تجاه المودعين بحدود 90 مليار دولار، ومصرف لبنان لديه التزامات تجاه المصارف بقيمة 80 أو 81 مليار دولار، والدولة لديها إلتزامات تجاه المصرف المركزي وهي تصل إلى حدود 67 أو 68 مليار دولار، وهي الخسائر والقروض المقدمة للدولة وهي متوجبة عليها ويجب أن تدفعها لمصرف لبنان.

وبرأي فرح فإن هذا المثلث، يدل على أن الأموال تمرّ بين الأطراف الثلاثة، وهي بدأت لدى المودع ومرت بالمصارف ثم مصرف لبنان وانتهت في الدولة، حيث يجب أن تنطلق المعالجة وترسم السياسة وشكل الحل وحجم “الهيركات” المحتمل على الودائع، ونسبة ما سيحصل عليه المودعون وطبيعة الحل النهائي الذي سينطلق من الدولة، لأن السلسلة تبدأ منها وتمتد على الجميع.