ما هي الخلفيات الحقيقية لبلاغ “المركزي” الاخير؟

في اقل من 3 ايام، تراجع ​مصرف لبنان​ عن بلاغه الأخير الموّجه الى ​المصارف​ بتخفيضه سقف السحوبات النقدية بالليرة، ورفع كلفتها بشكل كبير عليها للحد من قدرتها على الاستحصال على العملة الورقية.

ويبدو أن تقنين المركزي للسيولة التي يضخّها للمصارف يعكس التوجّه الجديد، والقاضي بمحاصرة الكتلة النقديّة الموجودة بالليرة في الأسواق، ومحاولة تخفيض حجمها تدريجيّاً.

ما هي الخلفيات الحقيقية لبلاغ المركزي الاخير الذي لم يكتب له التطبيق؟

عنداري

نائب حاكم مصرف لبنان السابق الدكتور سعد عنداري يلفت الى ان “المركزي” تراجع عن هذا التدبير الذي لم يكن تعميما وانما بلاغا للمصارف بوجوب تخفيض سقف السحوبات النقدية بالليرة. فقد أراد من خلاله وضع سقوف للقطاع لما يمكن ان تسحبه من حسابها الجاري لدى مصرف لبنان.

ويرى انه كان بالامكان تطبيق هذا التدبير على فترة زمنية محددة لأنه سيؤتي بنتائج ايجابية على مستوى ​الكتلة النقدية​، سيما وانه ما كان يتم سحبه من قبل المودعين لم يدخل الى السوق لتحريك منظومة الدورة الاقتصادية كما هو مفترض، وانما قبع مع الادخارات في ​المنازل​، ما اجبر مصرف لبنان في الفترة الماضية على طبع المزيد من العملات النقدية الجديدة لتلبية الطلب المتصاعد في السوق.

ويربط عنداري ايجابية التدبير بأولا: انه كان سيؤدي الى تجفيف العملات النقدية “الكاش” الموجودة بين ايادي المتعاملين مع المصارف، وهذا سيحملهم بالتأكيد الى سحب مما يدخرونه من خارج المصارف من عملات واستعمالها، وبالتالي، ضخّها في السوق.

ثانيا: بعد نفاد الليرة بسبب تقنين عمليات السحب، سيتم اللجوء الى استعمال عملات الدولار التي يدخرها المواطنون ايضا في منازلهم، وضخها في السوق. وهذا سيساهم في تعزيز احتياطي “المركزي”.

ويقول عنداري لـ”الاقتصاد”: عام 2019، شكلت الاوراق النقدية نسبة 3% من كل الودائع اما اليوم اصبحت بنسبة 11% بعد الانفلاش الكبير الذي حصل خلال الفترة الماضية.

ويربط التراجع عن التدبير بتخوّف مصرف لبنان من اتهامه بتكبير حجم ​التضخم​.