هل يتمكن منصوري من الحفاظ على ثبات سعر الصرف في الحرب المدمرة؟

يمسك مصرف لبنان وتحديدا الحاكم بالانابة وسيم منصوري بيد من حديد على ثبات سعر الصرف حيث لم يتزحزح قيد انملة رغم ضجيج الحرب التي اندلعت بشكل كبير منذ ثلاثة ايام بين لبنان والعدو الاسرائيلي، بينما كانت التقلبات الصفة الاكثر تداولا لسعر الصرف عند كل هزة امنية او مالية او اقتصادية او عند اي حادث عابر .

وقد وضع منصوري نصب عينيه اهمية المحافظة على الاستقرار النقدي ومن اجل ذلك اتخذ سلسلة من الخطوات التي تدعم موقفه واهمها خفض الكتلة النقدية بالليرة وسحب كميات منها من الاسواق.

وأشار منصوري الى انه “نتيجة السياسات الجديدة التي اعتمدها مصرف لبنان مؤخرا ، انخفضت الكتلة النقديةّ بأكثر من 25% منذ بداية العام 2023، لتصل إلى 59 ترليون ليرة حاليا، وهذا ما ادى الى تجفيف الليرة اللبنانية ومنع المضاربين من استغلال اي مناسبة للمضاربة على الليرة مع العلم ان مصرف لبنان سارع الى منع هؤلاء من القيام بأي خطوة في هذا الاتجاه وهذا ما ادى الى ان يكون اللاعب الوحيد في سوق القطع وان يزيد الاحتياطات الأجنبية للمصرف المركزي، فسجّلت فائضاً فاق مليار و800 مليون دولار منذ آب 2023، لتصبح 10,388 مليار دولار، مقابل كتلة نقديةّ دون الـ 700 مليون دولار”.

وهناك عامل اخر ساهم في ثبات سعر الصرف هو دولرة الاقتصاد حيث تتم كل التعاملات الصغيرة أو التعاملات التجارية الكبيرة بين الشركات بالدولار”اضافة الى دولرة المحروقات والسوبرماركت وحتى رواتب موظفي القطاع العام بالدولار حيث تحول على سعر ثابت هو ٩٨٥٠٠ ليرة للدولار، حيث ان نسبة الدولرة تعدت ال ٩٠ في المئة وهناك قلة صغيرة ما تزال تتعامل بالليرة ولو يصح لها لكانت تتعامل بالدولار. وقد اتخذ هذا القرار وزيرا الاقتصاد والطاقة في حكومة تصريف الاعمال امين سلام ووليد فياض لتلحقهما وزارة المالية التي باتت تجبي بعض ضرائبها بالدولار .

وليس غريبا ان يلغي منصوري منصة صيرفة التي انشأها الحاكم السابق رياض سلامة حيث حقق بعض المنتفعين مثل المضاربين امولا طائلة من دون وجه حق وبالدولار الاميركي وهذا ما دفع وزارة المالية الى التفتيش عن كيفية اعادة بعض ما جناه هؤلاء الى خزينة الدولة .

كما ان منصوري اتخذ سلسلة خطوات مكنته من تثبيت سعر الصرف ومنها انه رفض تمويل العجز في موازنة الدولة او اعطاء السلف لمؤسسة كهرباء لبنان مما ادى الى تنشيط الجباية في هاتين المؤسستين اللتين لديهما فائض من الاموال موجوده في مصرف لبنان .

اضافة الى ذلك فهناك التعميم ١٥٨ الذي يسمح للمودع بسحب ٤٠٠ او ٣٠٠ من وديعته المحجوزة في المصارف وهذه كمية من الدولارات تسمح بابقاء الوضع النقدي على ثباته. هناك عبارات يرددها منصوري في اعطاء الحل المالي والنقدي فيقول:

“نعود ونكرر أهمية الدعائم الأربع التي يجب الارتكاز عليها لاخراج لبنان من الأزمات العميقة التي تعصف به: أولاً، المحاسبة عن طريق القضاء حصرا ً، ثانياً وضع آلية واضحة لاعادة أموال المودعين، ثالثاً، بناء الاقتصاد من خلال إعادة إطلاق عمل القطاع المصرفي، ورابعاً، إعادة هيكلة الدولة وإجراء الإصلاحات التي طال انتظارها.”

وتحت عنوان “التحدي الأكبر: المحافظة على ثبات سعر الصرف والتواصل المالي في زمن الحرب” كتب الأمين العام لجمعية مصارف لبنان فادي خلف افتتاحية التقرير الشهري للجمعية، ومما جاء فيها: 
”في ظل الحرب المستعرة بين لبنان وإسرائيل، يقف القطاع المصرفي اللبناني أمام امتحان جديد لقدرته على الصمود والاستمرار في تقديم الخدمات المالية. من إحدى ركائز هذا الصمود، تمكن مصرف لبنان حتى الآن من الاستمرار في المحافظة على ثبات سعر الصرف، خاصة مع تنامي الضغوط الاقتصادية والمالية الناتجة من الحرب.

الا أن التحدي الأكبر يبقى في الحفاظ على هذا الثبات في ظل تعقيدات الوضع الراهن، حيث تزداد التحديات الداخلية والخارجية، وما يمكن أن تواجهه الاحتياطيات من العملات الصعبة من ضغوط في هذه الفترة العصيبة، كلها عوامل قد تهدد استقرار سعر الصرف، مما يجعل من المحافظة على هذا الاستقرار أولوية قصوى لدى حاكمية مصرف لبنان في الوقت الراهن.

لكن ثمة تخوف من اتساع رقعة الحرب وتدمير المزيد من البنية التحتية في لبنان واقفال الممرات الحيوية فيه والكلفة الكبيرة التي ستتكبدها الحكومة من جراء هذه الحرب ، مما يطرح مصير ثبات سعر الصرف، يبدو ان منصوري حاول بكل الوسائل التي يملكها المحافظة على الاستقرار النقدي لكن الحرب وتفاصيلها فانه لا يملكها وهنا تكمن الخطورة في عودة التفلت النقدي .