افتتحت “لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا” (الإسكوا) الاجتماع الاقليمي عن إصلاح الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية، والذي يتركز على مواضيع التأمين الاجتماعي والرعاية الصحية والمساعدة الاجتماعية والسجلات المتكاملة ونظم المعلومات والترتيبات المؤسسية، بمشاركة وزيري العمل كميل أبو سليمان والشؤون الاجتماعية ريشارد قيومجيان، الأمينة العامة التنفيذية للاسكوا الدكتورة رولا دشتي، ومستشار في الشؤون الإنمائية أديب نعمة.
كما وشارك في المنتدى عدد من كبار الخبراء من الوزارات المعنية في كل من الأردن والإمارات العربية المتحدة وتونس والجمهورية العربية السورية والعراق وسلطنة عمان وفلسطين وقطر ولبنان ومصر والمغرب والمملكة العربية السعودية وموريتانيا وخبراء من منظمات إقليمية ودولية ومن وكالات الأمم المتحدة.
وأعلنت دشتي خلال افتتاح الاجتماع أن “منظومات الحماية الاجتماعية زادت تعقيدا، وهي تخضع لكثير من الضغوط”.
وقالت: “إن قوى العولمة والهجرة الداخلية والخارجية وأسواق العمل التي تتغير بسرعة تنتج مخاطر جديدة ونقاط ضعف ووقائع اجتماعية غير مسبوقة. وقد زادت النزاعات التي يشهدها الكثير من الدول العربية من صعوبة مواجهة هذه التحديات”.
اضافت: “إلى جانب سياسة سوق العمل، ليس ثمة بديل عن الحماية الاجتماعية لتحقيق الإدماج الاجتماعي والعدالة الاجتماعية والوفاء بوعد خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بعدم إهمال أحد”.
وألقى الوزير ابو سليمان كلمة، قال فيها: “الحماية الاجتماعية هي حق من حقوق الانسان المنصوص عليها بموجب المادة 22 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي تتحدث عن توفير الضمان الاجتماعي لكل شخص”.
واضاف: “إن تطوير الضمان الاجتماعي يؤدي الى تعزيز الاقتصاد الوطني والعدالة الاجتماعية، كما وإلى توفير الحماية الاجتماعية للجميع، وهو من اولويات الحكومة اللبنانية الجديدة، اذ وضعنا بندا خاصا للحماية الاجتماعية وهو البند الثامن ومنه: اقرار قانون الشيخوخة لتأمين الحد الادنى المطلوب من العيش الكريم للمواطنين المتقاعدين من القطاع الخاص”.
وتابع: “كذلك تحدث البيان الوزاري الذي على اساسه نالت الحكومة الثقة عن اصلاح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتحديثه، ووزير العمل هو الوزير الوصي عليه، من خلال اعادة النظر في قوانينه وهيكليته ونظامه وإيجاد الحلول للمشكلات التي يواجهها. كما وتلتزم الحكومة بالمضي قدما في تحقيق اهداف التنمية المستدامة للامم المتحدة 2030”.
واردف: “الحماية الاجتماعية، موضوعنا اليوم، وهي تدخل في صلب الكثير من هذه الاهداف، ومنها: الهدف الاول القضاء على الفقر، والثالث الصحة الجيدة والرفاه، والثامن العمل اللائق والنمو الاقتصادي، والسابع عشر عقد الشراكات بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق الاهداف”.
وقال أبو سليمان: “الجدير ذكره اننا كوزارة العمل، نعمل على توسيع مروحة الحماية الاجتماعية عبر التعاون مع منظمة العمل الدولية وبخاصة المكتب الاقليمي للدول العربية في بيروت، وعلى تحسين تقدمات الضمان الاجتماعي، مع التركيز على فئات المجتمع الضعيفة ضمن منظومة اجتماعية اقتصادية شاملة ومتكاملة وشراكة حقيقية في المسؤولية الاجتماعية بين الاطراف الثلاثة: الحكومة، اصحاب العمل والعمال”.
أضاف: “هذا التعاون هو في اطار البرنامج الوطني للعمل اللائق الذي وضعناه كوزارة عمل مع الشركاء الاجتماعيين في لبنان، وهم الاتحاد العمالي العام في لبنان وجمعية الصناعيين اللبنانيين. وقد اطلعنا اخيرا على نتائج التقييم الاكتواري والتقييم القانوني لقانون الضمان الاجتماعي المقترح عام 2018 من منظمة العمل الدولية”.
واستطرد: “عربيا، وعلى رغم التحسن في الكثير من المجالات الاجتماعية والاقتصادية ما زالت منطقتنا ساحة لبذل المزيد من الجهود لتحقيق الانصاف والعدالة وصون كرامة الانسان وحقوق العامل”.
وختم: “اتمنى لكم ورشة عمل موفقة وناجحة إن من ناحية الاستفادة من التجارب والخبرات في هذا المجال في المنطقة العربية، ودائما من ناحية تضافر الجهود بين المنظمات الدولية والمؤسسات المحلية وشركائنا الاجتماعيين للنهوض ببرنامج عمل يرتكز على الانسان. ولا يسعنا الا ان ندعو الجميع الى تحمل مسؤولية بناء مستقبل عادل ومنصف للعمل”.
والقى الوزير قيومجيان كلمة رحب فيها بـ “وكيلة الأمين العام، الأمينة التنفيذية للاسكوا رولا دشتي”، شاكرا للاسكوا “تنظيمها ورعايتها ورشة العمل التي تزامنت مع انطلاق ورشة عمل حكومتنا الجديدة”.
أضاف: “كما وتأتي ورشتكم في حقبة مهمة وواعدة لعمل وزارة الشؤون الاجتماعية، حيث تنصب جهودنا لإعطاء الأولوية المطلقة للانسان اللبناني عبر خلق شبكة أمان اجتماعية تطاول المواطن في معيشته وحياته اليومية واقتصاده وبناه التحتية”.
ورأى أن “إصلاح الحماية الاجتماعية هو عنوان ورشة عملكم، والإصلاح هو أكثر من ضروري وملح، لأن عملنا يطاول الإنسان بكليته وبكل جوانبه العامة والخاصة. وبما أن جهودنا هي لخدمة المواطن وسعادته ورفاهيته، دعوني أتكلم معكم بكل صراحة: هل الحماية الاجتماعية فعل معزول عن مقومات الحياة الإنسانية وعن الحقوق الطبيعية التي أنعم الخالق بها على الإنسان، وهي الحق المطلق في الحرية والسعادة والحياة الكريمة؟”.
وسأل: “عن أي إصلاح نتكلم والإنسان العربي مصاب في صميم حقوقه، ناهيك عن قلقه لناحية استقراره الاجتماعي ومتطلباته الاجتماعية، واستطرادا حمايته الاجتماعية؟ هل تعني بعد الكرامة الإنسانية شيئا لأنظمة الإرهاب والقتل ولحكومات القمع والتعذيب وسجون الفكر والسياسة والكلمة؟ هل حرية الضمير والمعتقد والتعبير موجودة وفق احترام معادلة لكم الحقوق وعليكم الواجبات؟ هل حقوق المرأة العربية مصانة؟ هل تشهد مجتمعاتنا حقوقا متساوية في كل المجالات، وهل من محاسبة لأساليب التمييز والعنف والتسلط والمضايقة والتنمر؟ وهل حقوق الطفل العربي مؤمنة بعيدا من الاستغلال والإجبار على العمل المبكر، والإهمال في الغذاء والرعاية الصحية والتربوية؟ هل خدمات المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة متوافرة للجميع بالتساوي؟ هل تتم وفق المقاييس والمعايير المعتمدة دوليا؟ أم أن اللامبالاة والتمييز والظلم يظلل حياتهم ويعكر هناء عيشهم؟
وتابع وزير الشؤون الاجتماعية: “ماذا عن الفقراء المعدمين، هل تطمئنهم بطاقة استشفاء لا تدخلهم مستشفى إلا بعد عناء وآليات معقدة ومنة موظف أو زعيم؟ وهل تكفي بطاقة تربوية تؤمن مقعدا لتلميذ في مدرسة رسمية حيث ثمة شكوك في المستوى التعليمي, وحيث لا اهتمام بالرياضة والفنون وتفتح الشخصية؟”.
وأكد ان “رؤيتنا لاصلاح وتوسيع الحماية الاجتماعية في لبنان لحظها البيان الوزاري للحكومة ولا ضير في أن أوجزها لكم سريعا عله في ذلك مساهمة متواضعة في البحث والنقاش:
أولا: توسيع عمل البرنامج الوطني لاستهداف الفقر وتأمين مزيد من التمويل له ليشمل الأسر الأكثر فقرا والعمل على تطبيق برامج الانتشال من حال الفقر.
ثانيا: العمل على تأمين التغطية الصحية الشاملة للبنانيين غير المشمولين بأي نظام تغطية صحية والعمل على إقرار قانون التقاعد وضمان الشيخوخة.
ثالثا: وضع سياسة إسكانية واعتماد سياسة دعم القروض الإسكانية ضمن شروط المؤسسة العامة للاسكان.
رابعا: العمل على تنفيذ القانون رقم 220 المتعلق بحقوق الأشخاص المعوقين وتطويره والاهتمام بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة.
خامسا: في سياق تعزيز حقوق الإنسان، وضع خطة لبناء سجون مركزية وتأهيل السجون الحالية وتأمين ظروف اعادة تأهيل السجناء.
سادسا: استكمال تعزيز دور المستشفيات الحكومية وتخفيض كلفة الدواء.
سابعا: إصلاح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتحديثه، كما وتحديث قانون العمل وتطوير المؤسسة الوطنية للاستخدام من ضمن خطة لمكافحة البطالة”.
وختم قيومجيان: “التحديات أمامكم وأمامنا كثيرة، بيد أن الآمال المعقودة عليكم كبيرة. ومجتمعاتنا العربية تنتظر منكم نتائج عملية وتطبيقية. حسبكم أن تكونوا على قدر الثقة والأمانة الموضوعة بين أياديكم. أحيي جهودكم ومثابرتكم”.
وقبل الغوص في نقاشات اجتماع الإسكوا، قدم الخبير في الشؤون الاجتماعية أديب نعمة “عرضا تمهيديا عن إصلاح الحماية”، وقال: “إن تحسين الحماية الاجتماعية في حاجة إلى سياسة واضحة للتنمية الاجتماعية لكي ننجح”.
يشار الى ان المنتدى يتابع أعماله من الثلثاء حتى الخميس يوميا بدءا من الساعة التاسعة والنصف صباحا.