أزمة الطاقة دخلت مرحلة “شديدة السواد”

حادثان مأسويان أضيفا البارحة الى النتائج الكارثية لانقطاع الكهرباء ومن خلفها المحروقات. الأول افتراضي تمثل بمسيرة تعبيرية لممرضات بالثوب الأبيض يجررن سرير مريض بين الحياة والموت في الأشرفية للقول: إذا “ما في كهربا… ما في مستشفى”. أما الثاني فهو فعلي، حيث نقل مريض من مستشفى رزق إلى مستشفى “أوتيل ديو” سيراً على الأقدام بسبب نفاد سيارة الاسعاف من البنزين.

أمام هذا الواقع المرير تستمر السياسات الترقيعية وسوء الادارة في ملفي الكهرباء ودعم المحروقات. فسلفة المئتي مليون دولار التي أعطيت قبل أشهر قليلة للكهرباء بـ”الفريش” دولار يظهر وكأنها “سكبت على الرمال”. وبدل أن تقدم ساعات تغذية إضافية، فاقمت التقنين. والسبب استعمالها بطريقة خاطئة وغير مدروسة. فقد “صرفت السلفة في المعامل التي تستهلك الوقود بمعدل ضعفي المعامل الجديدة بعد خروج الاخيرة عن العمل بسبب الحاجة إلى الصيانة”، بحسب مدير العمليات في شركة MEP التي تشغل معملي الذوق والجية الجديدين يحيى مولود. و”بدلاً من تخصيص 10 إلى 15 في المئة من السلفة لصيانة المعامل وتأمين قطع الغيار الضرورية لمعملي الذوق والجية الجديدين وتسريع ودعم التصليحات في دير عمار والزهراني لزيادة الكمية المنتجة، احرقت في المعامل القديمة من دون أن تؤدي أي قيمة مضافة”.

وفي السياق عينه ما زالت الطاقة تماطل باستلام هبة النفط العراقي، من دون أن يعرف أحد في شركة الكهرباء أو في شركات تشغيل المعامل السبب الحقيقي. الأمر الذي يثير المخاوف من شبهات فساد وسمسرة وتلزيم عقد التوريد لشركات محددة. وما يعزز الشكوك هو سرية العقد الموقع مع شركة “سومو” والجانب العراقي، بما يذكرنا بالعقد مع الجزائر وشركة سوناطراك، والنية بعدم تمرير عمليات التبادل التي ستجرى swapping على إدارة المناقصات.

وفي سياق متصل دخلت تسعيرة البنزين والمازوت في كباش تأليف الحكومة، وعلقت بين شد حبال المفاوضات. فلم تصدر الطاقة التسعيرة تسهيلاً لدخول كميات جديدة من البنزين والمازوت “بعدما شارفت الكميات الموجودة على النفاد كلياً”، بحسب عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس.

لغاية اللحظة تخطت الامور المتعلقة بقطاع الطاقة بشكل عام الغموض، ودخلت في مرحلة “شديدة السواد”. فلا اعتمادات تلوح في الأفق للمحروقات، ولا منطق يحكم استيراد النفط من إيران والذي إن وصل فسيكون في أحسن الأحوال بكميات قليلة جداً ولشريحة محدودة… ولا وصول للنفط العراقي قبل مطلع أيلول. واذا كانت الفترة الفاصلة تعد بالايام فان الكوارث تحصل في ثوان معدودة.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةإتفاقية لتصنيع تكنولوجيات إستشفائية محلياً
المقالة القادمةرابطة المودعين: لفرض عقوبات على مساهمي المصارف ومالكيها ومجالس إداراتها ومسؤولي مصرف لبنان