أزمة الكهرباء تهدّد بقطع النَفَس عن القطاع الصحي … والاستشفاء وفق دولار السوق السوداء

«نقّ» أصحاب المستشفيات من «الخسائر» التي يتكبّدونها نتيجة انهيار سعر صرف الليرة وارتفاع تكاليفهم التشغيلية، يبدو مقدمة للمطالبة برفع «الدعم» تماماً عن القطاع الصحي وتحرير تسعيرته وفقاً لسعر دولار السوق السوداء، لا سعر الـ 3900 ليرة الذي «لم يعد يفي بالغرض». بعيداً عن «العنّ» المتواصل لهؤلاء، فإن لهم أسبابهم التي «يبرّرها» الأداء المتفلّت من أي رقابة لمستوردي المعدات الطبية، وانقطاع الكهرباء الذي يضاعف أكلافهم

اليوم، مع انهيار سعر صرف الليرة وفي ظل التقنين القاسي، ومع ارتفاع الطلب على المازوت، فإن القلق من عجز بعض المُستشفيات عن تأمين الكهرباء على مدار الساعة، أمر جدّي أكثر من أي وقت مضى، مع ما يعنيه ذلك من خطر توقف تشغيل بعض الأجهزة الحيوية، كأجهزة التنفس الاصطناعي التي تعدّ شريان الحياة، خصوصاً لمصابي «كورونا».

يتزامن ذلك مع تفاقم وباء «كورونا» الذي يُضاعف الأكلاف التشغيلية بشكل يجعل تساؤلات أصحاب المُستشفيات حول إمكانية استمرارها مشروعاً، بعيداً عن الجشع الذي طالما تعامل به هؤلاء مع القطاع الصحي في لبنان منذ سنوات؛ إذ تؤكد مصادر معنية بالقطاع الاستشفائي لـ«الأخبار» أن «أقسام كورونا ترتّب استهلاكاً ضخماً للكهرباء. فإلى أنظمة التهوئة الخاصة وتكاليف التعقيم والغسيل، تحتاج أجهزة الأوكسيجين والتنفس الاصطناعي إلى تيار كهربائي متواصل». بهذا المعنى، فإن أزمة الكهرباء «ستقود حكماً إما الى مُضاعفة الفاتورة الاستشفائية أو إلى إغلاق بعض المستشفيات، لأن كل مريض أصبح يُمثّل خسارة للمُستشفى»، بحسب أحد أصحاب المُستشفيات في بيروت.

وإلى كلفة الكهرباء والمحروقات، ثمة أكلاف أخرى مرتبطة بمُستلزمات الحماية الشخصية للطواقم الطبية والتمريضية وبكلفة الأوكسيجين الذي حلّقت أسعاره، «فيما يتوقع أن تبقى تسعيرة أفضل جهة ضامنة، وهي وزارة الصحة، محددة بالليرة»، بحسب مصادر مطلعة طرحت مخاوف جدية من «تعطّل النظام الاستشفائي»، خصوصاً إذا استمرت «اجتهادات» بعض شركات مستوردي المعدات والمُستلزمات الطبية، إذ إن بعض الشركات استبعد عدداً كبيراً من المعدات من لائحة المعدات المدعومة بالدولار الاستشفائي المحدد بـ3900 ليرة، من ضمنها مثلاً معدات طبية أساسية كقسطرة البول وبعض معدات تركيب المصل وغيرها. وبذلك، بات على المُستشفى، وبالتالي المريض، شراء هذه المعدات بسعر دولار السوق، «من دون التأكد مما إذا كان الدعم مرفوعاً عنها بالفعل، في ظل الفوضى وانشغالات مصرف لبنان وعدم وجود جهة لملاحقة الأمر».

يُذكر أن «الدولار الصحي» اقتُرح كـ«تخريجة» مهّد بها أصحاب المُستشفيات لـ«تبليع» المرضى تقبّل فوارق الفواتير الناجمة عن اختلاف التسعيرات بين الجهات الضامنة وأسعار الدولار المتغيرة. وعليه، فإن مثل هذا الكلام يعد إعلاناً ضمنياً عن رفع الدعم الصحي و«تحرير» تسعيرة المستشفيات وعدم الاعتراف بتسعيرات الجهات الضامنة كوزارة الصحة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما سيكون الاستشفاء معه «رفاهية» غير متوافرة إلا للميسورين فقط.

مصدرجريدة الأخبار - هديل فرفور
المادة السابقةالتسرّب النفطي على طاولة “البيئة”…
المقالة القادمة“المصارف” تنفي دورها في ارتفاع الدولار