منذ أسابيع، ومنطقة النبطية تواجه أزمة محروقات أدّت الى إقفال معظم المحطّات ورفع خراطيمها نتيجة نفاد كمية البنزين داخلها، فيما المازوت مفقود، وبالرغم من صرخات الأهالي المتكرّرة لإيجاد حلّ لهذه المعضلة، غير أنّ الحلول لم تحضر على طبق المعالجة لأزمة محصورة في منطقة الجنوب.
فأين تقع الأزمة؟ ولماذا في الجنوب تحديداً؟
تشير المصادر الى أنّ الأزمة سببها توقّف مصفاة الزهراني عن تسليم مادة البنزين وحصر عملها بالمازوت فقط. فالمصفاة كانت تغذّي السوق الجنوبي بنسبة 40 بالمئة فيما الـ60 بالمئة من الشركات باتت عاجزة عن استيراد المحروقات، لأنّ المصرف المركزي يتأخّر في تأمين الإعتمادات المطلوبة.
وفق الإتّفاق القائم، فإن مصرف لبنان يدعم المحروقات بنسبة 90 بالمئة، على سعر صرف دولار الـ1515، والـ10بالمئة يُفترض بالشركات تأمينها على سعر صرف السوق السوداء، هذه المعادلة أفضت الى إحداث خلل في سوق المحروقات، وكان الجنوب أكثر تضرّراً، خصوصاً بعد توقّف مصفاة الزهراني عن استجرار البنزين، ما أدّى الى أزمة خطيرة يواجهها الجنوب من النبطية الى صور، ودفعت بأصحاب المحطّات الى إقفال محطاتهم ورفع خراطيمها.
وبحسب المصادر، “فإن الأمور تتّجه نحو رفع الدعم عن البنزين كما المازوت، وتصبح الشركات تستورد مباشرة من الخارج، من دون حاجة للجوء لاعتمادات مصرف لبنان”، وتبدي اعتقادها “بأنّ هذا الأمر يحلّ الأزمة، غير أنّه يدفع باتّجاه رفع سعر صفيحة البنزين لتصل الى 80 الف ليرة لبنانية”. ووفق المصادر، “فحتّى نهاية العام الحالي، تكون الدولة قد نفضت يدها من المحروقات ورفعت عنها الدعم وتولّت الشركات مباشرة استيرادها من الخارج”.
بالطبع هذا الأمر سيؤدّي الى أزمة مُضاعفة، في ظل الأزمة الإقتصادية الراهنة والضغوط المالية التي تواجه المواطن، التي لا تتوقف مُعاناته عند البنزين فقط، بل أيضاً مع مادة المازوت، وهنا بيت القصيد.
منذ أشهر، وسوق الجنوب خال من المازوت داخل المحطّات، علماً أنه متوافر بكمّيات كبيرة داخل السوق السوداء، بحسب أحد أصحاب المحطات، فإنّه كان يتسلمّ اسبوعياً 40 ألف ليتر من المازوت، علماً أنّ هناك شركات تسلّم يومياً هذه الكمية، غير أنّه منذ عشرة أيام لم يتمّ تسليمه نقطة واحدة. يشير الأخير الى “أنّ المسألة تتعلّق بمصفاة الزهراني ومن يضع اليد عليها، وبالتّجار الكبار الذين تصلهم كميات هائلة من مادة المازوت”. ويسأل صاحب المحطة: “لماذا تسلم المادة لأناس ويُحرم منها آخرون”؟ ليخلص الى القول: “ناس بسمنة وناس بزيت”.
هل تنفض الدولة يدها من المحروقات؟
ويشرح صاحب أحد المولّدات أنه اضطرّ لدفع مبلغ 600 ألف ليرة لأحد الاشخاص لتأمين لقاء له مع مسؤول مصفاة الزهراني ز.ا. عبر مسؤول رفيع المستوى، ويؤكّد أنه تمّ تزويده بفضل الواسطة بـ5000 ليتر من المازوت لمرة واحدة، بعدها تمنّع ز.ا عن تزويده بليتر واحد، فيما يستلم كثيرون ممّن يملكون الواسطة المادة. هذا الأمر يؤكّده صاحب احدى المحطّات الذي يسأل:” لماذا لا تراقب وزارة الطاقة عملية توزيع المازوت؟ ولمن تذهب وكيف توزع؟ مؤكداً أنّ “عملية تسليم المازوت من المصفاة يتولّاها ثلاثة أشخاص هم ز.ا، ع.أ و ن.ح هؤلاء يعرفون أين تذهب مادة المازوت، التي تخزّن في خزّانات كبيرة تحت الأرض، يُصار بعدها الى بيعها داخل السوق السوداء بأسعار تصل الى 35 ألف ليرة في لبنان”. ولا يتردّد بالقول إننا “أمام مغارة علي بابا كبيرة، يُديرها أشخاص رفيعو المستوى، يتحكّمون بالسوق، فيما يحرم المواطن منها، ويضطرّ على أثرها أصحاب المولّدات لشرائها من السوق السوداء، باستثناء المحسوبيات، ما رفع فواتير الإشتراك الشهري أضعافاً، وأحدث نقمة عند الأهالي.
محافظ النبطية بالتكليف الدكتور حسن فقيه تابع الأزمة، وأصدر سلسلة تعاميم في هذا الصدد، وأكد لـ”نداء الوطن” أنّ أزمة المازوت أثّرت بشكل مباشر على مولّدات الإشتراك وآبار المياه الجوفية، وزادت بالتالي الكلفة على المواطن، مُشيراً الى أنّه “كمحافظة، عمدنا الى تأمين كمّيات من المحروقات تلبّي جزءاً كبيراً من حاجة الناس عبر منشآت الزهراني، واستطعنا تأمين 90 بالمئة من المازوت للآبار الجوفية، كي لا تؤثر على المواطن ويضطرّ لشراء المياه”.
وأشار فقيه الى أنه بصدد “إعداد جدول بحاجة البلديات لمادة المازوت لمدة اسبوع، بناء على تعميم صادر عن وزير الطاقة ريمون غجر، والذي من شأنه أن يؤمّن المازوت للبلديات مباشرة من مصفاة الزهراني عبر شركات تتعاقد معها، وهذا الإجراء ستظهر نتائجه خلال أسبوع أو أسبوعين”.