أسعار الكتب تُحلّق فماذا عن الأقساط؟

صرخة الأهالي تعلو في بداية شهر الإستحقاقات الكبرى على أبواب المدارس فإن الصرخة مضاعفة هذا الـ “أيلول” لا بل مضروبة بثلاث وأربع مرات. المشهد اليوم كالآتي: وزير التربية يعلن، وبإصرار، العودة الى التعليم عن قرب. المدارس والمعلمون والأهالي يطرحون سؤالاً موحداً “هل نحن فعلاً قادرون على تحمّل تكاليف هذه العودة وكيف؟”

غير ان أزمة المحروقات معطوفة على انهيار سعر صرف الليرة والأزمة الإجتماعية المتفاقمة تشكّل الهاجس الأساس بالنسبة الى الأهل… وفي صفوفهم رأيان متناقضان بين من يؤيّد العودة الى المدارس بشكل مطلق باعتبار ان الأولاد يخسرون كثيراً نتيحة استمرار إقفال المدارس، وبين من يفضّل بقاء الأولاد في البيوت لأسباب عدة أبرزها غياب الثقة بأن إجراءات الوقاية من كورونا والتباعد الاجتماعي ستكون فعّالة وسيتمّ الالتزام بها جدّياً خصوصاً أن معظم الأدوية باتت مفقودة من السوق والخوف الاكبر من تفشي الأوبئة بين التلاميذ لا سيما الصغار منهم في ظل غياب اللقاحات والعلاجات من الصيدليات والمستشفيات.

هذه الأجواء تدفع بالأهالي الى الرجوع خطوة الى الوراء بعدما كانوا يطالبون بعودة المدارس. وتمام واحدة من هؤلاء الأمهات، لديها ولدان مسجّلان في مدرسة راهبات القلبين الأقدسين في الجديدة، تحاول احتساب الزيادة التي ستطرأ على الأقساط والقرطاسية والكتب لتشعر لوهلة أن رأسها سينفجر “كل شيء صار بالدولار ونحن بالليرة… كيف بدنا نعلّم ولادنا ونحافظ ع مستواهن الاجتماعي بعد اليوم؟!” بالنسبة الى الزي المدرسي، تشير تمام الى انه لطالما كان يسعّر بالدولار لكن “لا مشكلة مبدئياً فقد تساهلت المدرسة في هذا الموضوع سابقاً” لكن المسألة المستجدّة اليوم هي البنزين المفقود وتقول “الأوتوكار ليس خياراً مطروحاً لأنه مكلف لكن هل ستكون هناك كميات وفيرة في السوق كي نزوّد السيارات لتأمين توصيلة الأولاد ذهاباً واياباً من المدارس”.

في جولة سريعة على إدارات المدارس، يتبيّن لنا ان معظمها تتجّه الى زيادة الأقساط بنسبة 30 الى 35 بالمئة. بعضها أبلغ الأهالي عبر مذكرات نُشرت عبر مجموعات الواتسآب التي يتواصل عبرها الأهالي مع إدارة المدرسة. حتى ان البعض حدد موعد الدخول وأرسل قائمة الكتب التي تُحتسب بطبيعة الحال بالدولار. نسأل في إحدى المكتبات عن أسعار كتب لتلميذ في صف الـ EB5 ليأتي الجواب: 1087650 ليرة لبنانية. وآخر في صف الـ EB3 كلفة كتبه فقط 1034186 ليرة. فيما كانت كلفة هذه الكتب في أيام دولار 1500 لا تتخطى الثلاثمئة الف ليرة.

في مقلب وزارة التربية، يدرك الوزير طارق المجذوب أن وضع القطاع التربوي حرج جداً لكن لا يمكن للبنان ان يتحمّل سنة دراسية استثنائية للسنة الثالثة على التوالي، وتبعاً لمصادر مطلعة من داخل الوزارة فإن الميزانية تخضع للدرس في هذين اليومين في مسعى لإيجاد الحلول التي لا تزال ناقصة من أجل تأمين انطلاقة عام دراسي بأقل ضرر مادي ممكن على الأهل، وتشدد المصادر على ان الكلام عن زيادات على الأقساط بنسب تصل الى ثلاثين بالمئة غير دقيقة وتبقى مجرد أرقام ترمى من هنا وهناك.

وهو ما أكده ايضاً الأمين العام للمدارس الخاصة الأب يوسف نصر الذي اشار الى السعي لزيادة رواتب الأساتذة من دون تكبيد الأهالي أي زيادة على الأقساط مراهناً على الدول الصديقة للبنان والجهات المانحة التي يعوّل عليها بقوّة لدعم القطاع التعليمي في لبنان في ظل الظروف الدقيقة التي يمرّ بها.

لجان الاهل في لبنان تدعم قرار العودة الى المدارس لكنها تطرح أسئلة مشروعة عن كيفية تأمين هذه العودة بأقلّ أثقال ممكنة على كاهل الأهل الذين باتوا منهكين بالكامل. وهذا ما يؤكده رئيس لجنة الأهل في مدرسة راهبات القلبين الأقدسين – كفرحباب فادي فياض في حديث لـ”نداء الوطن” ويطرح نقاطاً عدة يجب التركيز عليها لتأمين انطلاقة جيدة للعام الدراسي بدلاً من صرف مئات الملايين على قطاع الكهرباء ولآماد محدودة. “نحن بحاجة الى مليار ومئتي مليون دولار سنوياً لتأمين سبع عشرة ساعة كهرباء باليوم بما يحلّ أزمة الكهرباء للقطاع كافة وليس فقط للمدارس”، يقول فياض، من هنا ضغطت لجان الأهل على وزير التربية لمطالبة حكومة تصريف الأعمال بأن يكون الدعم مباشرة لمؤسسة كهرباء لبنان وقد كان الوزير متجاوباً الى أقصى حدود مع التأكد انه لن يألو جهداً لتسيير كل الأمور وتسهيل العودة الى المدارس.

وهنا يلفت الى انه قانونياً، الأقساط المدرسية مقسّمة الى شقين الأول نسبته 65% وهي عبارة عن رواتب الأساتذة و35% مصاريف مختلفة، وهي نسب تتفاوت بين مدرسة وأخرى بحيث ان زيادة هذه المصاريف التي باتت معروفة بالمبدأ ستنعكس زيادة على الأقساط اضافة الى الزيادة التي تقررها كل ادارة مدرسة لأساتذتها وهنا تختلف الفوارق بين قسط وآخر ومدرسة وأخرى. أما بالنسبة الى الكتب المدرسية فحدّث ولا حرج، ما هو مطروح اليوم من قبل لجان الأهل على وزارة التربية التوجّه بطلب الى السفارة الفرنسية لتأمين الكتب المستوردة الى جميع طلاب لبنان انطلاقاً من الدعم الفرنسي للقطاع التعليمي في لبنان، وإذا ما تعذّر ذلك الاستحصال على إذن قانوني من دور النشر لإعادة طبع الكتب المدرجة ضمن المناهج التعليمية كونها كلّها “مسعّرة”إما بالدولار وإما باليورو واحتساب سعرها على الليرة اللبنانية بالسواق الموازية، كارثة بحدّ ذاتها. “اذا ما احتسبنا الكتاب بـ26$ على سعر صرف دولار السوق السوداء فنحن نتحدث عن نصف مليون ليرة للكتاب الواحد وهذا أمر خيالي بالنسبـــة الى ذوي التلامذة “.

مصدرنداء الوطن - زينة عبود
المادة السابقةرحلة البحث عن الدواء في “مجاهل” النظام الصحي… تطول
المقالة القادمةالمركزي يفرج عن 1800 فاتورة دواء مدعومة