أموال صندوق النقد الحلّ الأمثل للبطاقة التمويلية

لا شكّ بأنّ ما يحصل اليوم هو “كباش” على التوظيفات الإلزامية للمصرف المركزي أو ما يعرف بـ “الاحتياطي الالزامي” لمصرف لبنان أي ما تبقى من ودائع اللبنانيين في المصارف، وهو استمرار لسياسة الدعم الخاطئة التي انتهجتها الحكومة منذ بداية العام 2020 (والتي كلّفت 9 مليارات دولار لغاية اليوم) بطريقة غير عادلة سمحت من خلالها للأغنياء والفقراء بالاستفادة من السلع المدعومة على حد سواء.

أتت البطاقة التمويلية متأخرة سنتين، بعد أن شارف الاحتياطي على النفاد وهُربت البضائع المدعومة وخُزن بعضها الآخر ليتم بيعه لاحقا على سعر صرف السوق الموازية أو ما يعرف بالسوق السوداء، من دون ذكر السلع غير الأساسية التي دعمت كمبيضات القهوة والنيسبرسو وشفرات الحلاقة والكريم باري والكاجو، فلو اعتمدت هذه البطاقة منذ بداية الازمة وارتكزت على السلع الأساسية كالحبوب والطحين والحليب والأدوية والمحروقات وحصرت بالعائلات الأكثر فقراً والعائلات المحتاجة فعلاً بناء على دراسات دقيقة تقوم بها وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع المؤسسة العسكرية، لكنا تجنبنا الكثير من الويلات واستطعنا الحفاظ على الاحتياطي والدعم لمدة أطول.

ما مضى قد مضى أمّا اليوم فالسؤال الأهم هو من أين نأتي بالمال لدعم البطاقة؟ وفق المعطيات الأولية قد تموّل هذه البطاقة من مال قطري أو من احتياطي المركزي، إلا أنّ الاحتمال الأول وبحسب الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان “بعيد المنال حيث لم يصدر حتى الآن أي اعلان قطري رسمي بهذا الخصوص”.

أمّا عن الاحتمال الثاني فيوضح أبو سليمان في حديث لـ”نداء الوطن” أنّ “الأموال القابلة للاستخدام لدى مصرف لبنان شارفت على الانتهاء وهي بضع مئات الملايين التي لا تكفي لبنان لأكثر من شهر، وتتراوح قيمتها بين الـ 200 والـ 300 مليون دولار كحد أقصى، حيث كشف المعنيون أن قيمة المبلغ المتبقي لآخر حزيران هي 400 مليون دولار، ما قد يستدعي استخدام أموال الاحتياطي الالزامي لمصرف لبنان وهي أموال المودعين والتي لا تتجاوز الـ 16 مليار دولار فيما كان يكلفنا دعم السلع 6 مليار دولار في السنة الواحدة وبالتالي في حال استخدام هذه الأموال فإنها لن تكفي لبنان لأكثر من سنتين.

في المحصّلة، يبقى الحل الأمثل هو تمويل البطاقة من أموال صندوق النقد المشروطة بحلول سياسية أولى خطواتها تشكيل حكومة، وبانتظار الفرج يتوجب على المعنيين في الوقت الضائع وضع آلية واضحة لعمل البطاقة التمويلية مع الاخذ بالاعتبار أنّ المبلغ الذي سيخصص لكل عائلة ضمن هذ البطاقة سيترافق مع ارتفاع لسعر صرف الدولار، اذ لا بدّ من ضبط هذا الأخير للحصول على النتيجة المرجوّة والا ستتجه أسعار السلع نحو المزيد من الارتفاع وبالتالي المبلغ المخصص لكل عائلة سيفقد قيمته الشرائية.

 

مصدرنداء الوطن - باولا عطية
المادة السابقةالجامعة اللبنانية تلفظ أنفاسها: هل تُجرى الامتحانات؟
المقالة القادمة“لجنة المال”: “الكابيتال” موجود… و”الكونترول” ممنوع