أنتقادات كثيرة لمشروع قانون موازنة العام ٢٠٢٥

في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان و أهمها الأمنية سيما بعدما حصل يوم الثلاثاء الماضي من إختراق إسرائيلي للأجهزة اللاسلكية، ينكب مجلس الوزراء على دراسة موازنة 2025 بعدما عقد الأسبوع الماضي جلسة سمّيت بجلسة (الخلسة) وتم اتخاذ قرار بإبقاء جلسات مجلس الوزراء مفتوحة.

هذه الموازنة التي تحال للسنة الثانية على التوالي إلى مجلس الوزراء من قبل وزارة المالية ضمن المهلة الدستورية، تتعرض إلى الكثير من الانتقادات والاعتراضات نظراً لما تتضمنه من ضرائب جديدة على كاهل المواطنين، دون أن تلحظ في المقابل أي زيادة أو معالجة لرواتب موظفي القطاع العام. بالرغم من تأكيد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على أن هذه الموازنة تتضمن بنداً يتعلق برواتب القطاع العام وقال : “سنباشر دراسة بنود الموازنة، فاننا سنتخذ خطوات وقرارات اساسية تتعلق بحقوق العاملين في القطاع العام، والزيادات المطروحة للمدنيين والعسكريين الحاليين والمتقاعدين موجودة ضمن مشروع الموازنة”.

وفي قراءة من عضو لجنة المال والموازنة النائب الدكتور إيهاب مطر بشأن موازنة 2025 يقول للديار: “بينما يمكن تقدير الجهود التي تبذلها الحكومة في ظل الأوضاع السياسية والأمنية المعقدة، فإن موازنة 2025، في شكلها الحالي، لا تقدم الحلول الجذرية المطلوبة لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية، معتبراً أن هذه الموازنة تعني الاستمرار في نهج السياسات القديمة التي أدت إلى الأزمة،”ولكني أيضاً أقر بالصعوبات التي تواجه الحكومة وكرة النار التي تحملها، وأدعو إلى أن يتم العمل أكثر على الإصلاحات الجذرية التي يمكن أن تضع لبنان على طريق التعافي الاقتصادي المستدام”.

1. هل تعتقدون بأنها أفضل من موازنة 2024؟

بالنظر إلى مشروع موازنة 2025 (وبانتظار النسخة الأخيرة التي سوف تتقدم بها الحكومة للأمانة العامة لمجلس النواب، ومناقشتها في لجنة المال والموازنة)، يمكن القول انها تحمل بعض التغييرات مقارنة بموازنة 2024، خصوصاً في مسألة الضرائب وزيادة الإيرادات. لكن، في جوهرها، لا تبدو موازنة 2025 قادرة على تقديم حلول جذرية أو رؤية جديدة لمعالجة الأزمة الاقتصادية في لبنان، “لأنها لا تزال تعتمد بشكل كبير على الضرائب والاقتراض من دون تقديم خطط فعالة للإصلاحات الهيكلية المطلوبة، بينما تتضمن زيادات في الإيرادات الضريبية مثل ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة، إلا أن هذا قد يزيد من العبء على المواطنين والشركات في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، لذلك يمكن القول إن الفروق بينها وبين موازنة 2024 لا تقدم تحسناً حقيقياً أو كافياً للخروج من الأزمة”.

مقارنة موازنة 2025 بموازنة 2024

في هذا الخصوص يقول مطر :”بينما يظهر أن موازنة 2025 تتضمن بعض التغييرات عن موازنة 2024، إلا أن هذه التغييرات تظل سطحية ولا تعالج جذور الأزمة الاقتصادية في لبنان. الزيادة في الإيرادات من خلال الضرائب، مثل ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة، هي خطوة تُظهر نية الحكومة لتعزيز موارد الدولة، لكنها تحمل في طياتها عدة مخاطر. ففي ظل الوضع الاقتصادي الراهن، حيث يعاني المواطنون والشركات من ضغوط مالية هائلة، فإن أي زيادة في الضرائب قد تؤدي إلى تفاقم الأعباء على الطبقات المتوسطة والفقيرة، وزيادة تكلفة الإنتاج على الشركات، مما يساهم في تقليل النشاط الاقتصادي وزيادة الركود.

ويشير مطر هنا إلى أهمية موازنة 2025 فهي تُعتبر من أهم المحطات المالية للبنان كونها تأتي في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية حادة. لذلك، تحمل هذه الموازنة أهمية خاصة في القدرة على تقديم رؤية اقتصادية متكاملة لحل الأزمات المتعددة التي تواجه البلاد، لافتاً إلى أن من بين الأسباب التي تجعل موازنة 2025 مهمة هو ضرورة تحقيق الاستقرار المالي، الإصلاحات الهيكلية، إدارة الديون، تشجيع الاستثمار، وغيرها.

ووفقاً لمطر بالرغم من أهمية موازنة 2025، تبقى هناك تحديات كبرى قد تعرقل تنفيذها، أولها يتعلق بعدم وجود إرادة سياسية كافية لتنفيذ الإصلاحات الحقيقية، وثانياً غياب الثقة الشعبية في مؤسسات الدولة. ولذلك، يجب اظهار شفافية أكبر وضمان إشراك المواطن في العملية الإصلاحية لزيادة المصداقية وتعزيز الثقة في الموازنة الجديدة”.

2. ما هي سلبياتها وإيجابياتها بعد الأخذ بعين الاعتبار الواقع الاقتصادي والنقدي اللبناني المتدهور والمتأزم؟

الإيجابيات:

يعدد مطر إيجابيات موازنة 2025 بالاتي:

– تقديمها في المهل الدستورية بالشكل وليس بالمضمون (غياب “قطع حساب” يجعل مشروع الموازنة العامة غير مستوف لمتطلبات الدستور).

– زيادة الإيرادات من الضرائب، مما يشير إلى محاولة تحسين الإيرادات العامة.

– التركيز على بعض مشاريع البنية التحتية والصيانة، وهو أمر مهم للحفاظ على الأساسيات التي يعتمد عليها الاقتصاد.

السلبيات:

اما بالنسبة للسلبيات فأشار مطر إلى :

-” غياب قطع الحساب عن سنة الـ 2024 هو من أهم السلبيات.

– غياب الإصلاحات الجذرية المطلوبة، مثل إصلاح قطاع الكهرباء الذي يستنزف الكثير من الأموال العامة.

-الاعتماد الكبير على الضرائب والرسوم الجديدة، مما سيزيد العبء على المواطنين.

-استمرار العجز المالي بسبب غياب استراتيجيات واضحة للحد منه دون اللجوء إلى الاقتراض.

– استمرار الاعتماد على دولرة الاقتصاد، مما يزيد من الفجوة الاقتصادية ويعزز التضخم.

3. ما هي تداعيات هذه الموازنة إذا تم إقرارها بقانون، خصوصاً على المواطنين سيما أنها تتضمن ضرائب ورسوما جديدة؟

وفي رده على هذا السؤال يقول مطر :إذا تم إقرار موازنة 2025، ستؤدي إلى زيادة الأعباء المالية على المواطنين نتيجة لارتفاع الضرائب المباشرة وغير المباشرة. ستزيد ضريبة الدخل على الرواتب والأجور، وسترتفع الضريبة على القيمة المضافة، مما سيؤثر سلباً في القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في ظل التضخم المستمر وتدهور قيمة العملة المحلية، لافتاً أن هذه الزيادات في الضرائب، في غياب خطط تنموية فعالة، قد تعمق الأزمة الاقتصادية وتزيد من معدلات الفقر والبطالة. “علاوة على ذلك، قد تتسبب بزيادة الضغط على الشركات الصغيرة والمتوسطة، مما قد يؤدي إلى إغلاقها أو تسريح موظفيها”.

ويسرد مطر التداعيات على المواطنين وأهمها :

-“زيادة الأعباء المالية: إذا تم إقرار موازنة 2025، ستؤدي الضرائب والرسوم الجديدة إلى زيادة مباشرة في الأعباء المالية على المواطنين. رفع ضريبة الدخل على الرواتب والأجور سيؤثر بشكل كبير في الطبقة الوسطى والفقيرة، حيث سيجد المواطنون أنفسهم مطالبين بدفع نسب أعلى من دخلهم الشهري للحكومة، في وقت يعاني فيه معظمهم من تراجع القدرة الشرائية بسبب التضخم وتدهور قيمة الليرة اللبنانية. وستؤثر في الشركات الصغيرة والمتوسطة. وتراجع الاستثمارات. كما ستؤدي الى زيادة البطالة.

كما من تداعياتها ضمن الاثار الاقتصادية الأوسع: ركود اقتصادي، ارتفاع التهرب الضريبي.

4. هل سوف تحصل هذه الموازنة على صوتك في مجلس النواب أم ستعارضها؟

في هذا الخصوص يقول مطر :”ما زلت أواصل أنا وفريقي دراسة بعض التفاصيل لموازنة 2025، ولا شك انها ليست الموازنة المثالية أو المطلوبة ولا تتفق مع رؤيتنا، خصوصا أن ما يحتاج اليه لبنان اليوم هو موازنة شاملة تتضمن إصلاحات هيكلية جادة. في الوقت نفسه يرى مطر ان الحكومة اليوم برئاسة الرئيس ميقاتي تحاول ان تقوم بكل الجهود وتحمل كرة النار في ظروف صعبة، حرب في الجنوب والوضع السياسي متأزم، مع فراغ دستوري واضح وعدم استقرار أمني، “وان المحاولة لزيادة الايرادات واضحة في الموازنة من اجل تغطية العجز المالي، فضلا عن المرونة التي تتضمنها الموازنة لمواجهة التحديات، فرغم كل ما يحصل تحاول الحكومة عبر الموازنة الحفاظ على سير النظام وسؤون اللبنانيين بما يقطع الطريق على من يريد دفع البلاد الى الانهيار الكامل”.

و يختم مطر بالقول:” ان الظروف التي يعيشها لبنان تحد من قدرة الحكومة على تقديم موازنة أفضل من المطروحة. وانا ادعم استقرار البلاد ومنع الانهيار بانتظار المرحلة الجديدة بعد انتخاب رئيس للجمهورية لطرح موازنة مثالية.”

مصدرالديار - أميمة شمس الدين
المادة السابقةدبوسي عرض مع وفد جمعية الإرشاد والإصلاح سبل تعزيز الوعي المجتمعي
المقالة القادمة“الريجي” تستمر في تسلّم محاصيل التبغ جنوباً خلال العطلة الأسبوعية