أين لبنان اليوم بعد عام على تعليق سداد “اليوروبوندز”؟

في السابع من آذار العام 2020، أعلنت حكومة الرئيس ​حسان دياب​ تعليق سداد استحقاق سندات الدين “اليوروبوندز” البالغة قيمته مليارا و200 مليون دولار، بذريعة استخدام هذه المبالغ في تأمين الحاجات الأساسية للشعب اللبناني.

عامٌ مرَّ على هذا القرار، ومصير هذه السندات، كمصير البلد، لا يزال مجهولاً، في ظلّ تخبط سياسيّ، وتهميش مصرفي وعزل اقتصادي. ليبقى السؤال أين أصبحنا بعد عامٍ على تعليق سداد سندات “اليوروبوندز”؟

غبريل: الحلّ بتشكيل حكومة قادرة على التفاوض مع صندوق النقد

في هذا السياق، يؤكد كبير الاقتصاديين في مجموعة “بنك بيبلوس” الدكتور نسيب غبريل، أن حكومة تصريف الأعمال ارتكبت خطأً تاريخياً بحق لبنان وبشعبه، بعد قرارها التوقف عن سداد سندات “اليوروبوندز”. ويقول لقد “ضحت الحكومة منذ عام بصدقية لبنان التي بناها على مدى عقود،بعد تعثرها عن سداد مستحقاته الخارجية. أي بلد في العالم قد يُضطر في بعض الأحيان إلى اتخاذ قرار كهذا، لكن لا أحد يُقدم على هذه الخطوة بالطريقة التي أقدمت عليها الحكومة، أي من دون التواصل مع حاملي هذه السندات الخارجية، أو حتى قبل بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للاتفاق على برنامج إصلاحي تمويلي”.

يضيف: “كان بإمكان ​الحكومة اللبنانية​ تجنب هذا القرار الذي تزامن مع ضخ إعلامي ضال مفاده إذا استمر لبنان بسداد مستحقاته الخارجية، سيتدنى الاحتياطي المخصص للدعم. مع العلم أن احتياطي مصرف لبنان من ​العملات​ الأجنبية تراجع منذ شباط الـ 2020 حتى شباط الـ 2021 حوالي 12 ملياراً و 400 مليون دولار أي بنسبة 41 في المئة بعد أن كان قد وصل في شباط الـ 2020 إلى 51 مليار دولار من ضمنها الاحتياطي من ​الذهب​ ليسجل اليوم 39 ملياراً و300 مليون دولار. فإذا كان هدف الحكومة المحافظة على احتياطي المصرف المركزي بالعملات الأجنبية، كان الأجدى بها العمل على مكافحة التهريب عبر الحدود والتهرب الجمركي و​التهرب الضريبي​، وإيجاد حلّ جذري لأزمة ​الكهرباء​ التي كبدت الخزينة والمواطن اللبناني أكثر 21 ملياراً و500 مليون دولار تحاويل خزينة إلى ​مؤسسة كهرباء لبنان​ بين عاميّ الـ2005 و الـ 2019″.

برأي غبريل، كان الأجدى بالحكومة أن تلجأ إلى سداد مستحقات لبنان الخارجية الثلاث في آذار الماضي (ملياراً و200 مليون دولار)، وفي نيسان 2020 (600 مليون دولار)، وفي حزيران 2020 (700 مليون دولار)،بعدها تبدأ محادثتها مع صندوق النقد الدولي للوصول معه إلى برنامج تمويلي إصلاحي قبل الاستحقاق الجديد في نيسان الـ 2021،وذلك، بعد فتح قنوات تواصل مع حاملي هذه سندات. عندها يمكن التوصل إلى حلّ بشأن الاستحقاقات المقبلة.

يتابع: ” بعد عام كامل على قرار التعثر وما رافقه من تداعيات سلبية على الاقتصاد اللبناني، لم تُبادر الحكومة عبر وزارة المالية إلى التفاوض مع حاملي هذه السندات المحليين أو حتى مع المؤسسات الاستثمارية الخارجية. لقد تواصلنا مؤخراً مع بعض الإدارات في المؤسسات الاستثمارية الخارجية الذين أبدوا استعدادهم لتسريع المفاوضات وللوصول إلى نتيجة مرضية لمصلحة الطرفين، لكن المشكلة تكمن في الطرف اللبناني الذي لغاية اليوم لم يُبادر إلى التفاوض مع حاملي هذه السندات”.

يختم غبريل بالقول: الحلّ الوحيد يكمن في تشكيل حكومة بأقصى سرعة تحظى بثقة الداخل والخارج، وأن تتمتع بصدقية عالية، والأهم أن يكون لديها إلمام بطريقة عمل النظام المالي العالمي، وأن تباشر فوراً بمفاوضات جدية مع المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي ومع حاملي سندات اليوروبوندز، وأن تعدّ برنامج إصلاحي كامل للمالية العامة، وللقطاع العام وللوضعين المالي والنقدي، بالتعاون مع صندوق النقد، الذي يُعطي مصداقية للبرنامج الإصلاحي وانضباط في تطبيقه، وبعد 6 أشهر من التوقيع مع الصندوق، يبدأ الأخير بضخ ​السيولة​ مما قد يريح الأسواق اللبنانية المُنهكة”.

مصدرالنشرة - ربيع ياسين
المادة السابقةمصارف لبنان.. تستبق المركزي والرقابة
المقالة القادمةالنقابة تصعّد.. إمّا اللقاح لمستخدمين الضمان أو الإضراب المفتوح