إعادة إعمار مرفأ بيروت محور جاذب للاستثمار الدولي

من سمحت له الفرصة في التجوّل في ​مرفأ بيروت​ في الماضي، مع التعرّف على مسار الحركة الناشطة فيه، يدرك أهمية هذا المرفق الحيوي في الدورة الاقتصادية، ودوره الرائد على بحر المتوسط، ليس فقط على صعيد التجارة، بل على صعيد ربط الشرق والغرب الى جانب كونه بوابة ​لبنان​ الرئيسية الى الخارج ؛ هذه البوابة التي لا تصمد امامها اي عزلة ولا تخضعها لسيطرتها أي سلطة مفروضة، لأنها مفتاح العاصمة بيروت التي يحسدها الكثيرون ، يتغنى فيها الشعراء ويكتب عنها المفكرون دون ان يمحوها للأسف من حساباتهم الطامعون .

منذ يومين، أعلنت جمعية أرباب العمل الفرنسيين (ميديف) أنّ ​الشركات الفرنسية​ مستعدّة للعمل “إلى جانب الشعب اللبناني” في مشروع إعادة بناء مرفأ بيروت بعد الانفجار الهائل الذي وقع فيه في آب .

وقبيل أيام قليلة من عودة ​الرئيس الفرنسي​ إيمانويل ماكرون إلى بيروت في ثاني زيارة له إلى لبنان في أقلّ من شهر، قال جوفروا رو- دي- بيزيو، رئيس جمعية “ميديف” التي تمثّل الشركات الفرنسية “بالطبع، من وجهة نظر اقتصادية صرفة فإنّ لبنان سوق صغير، لكنّ الرهان لا يكمن هنا”.

وأضاف في كلمة ألقاها في ​باريس​ بمناسبة افتتاح جامعة ميديف الصيفية أنّ الرهان يكمن في أنّ “لبنان هو أحد آخر البلدان الديموقراطية والمتعدّدة الأديان في ​الشرق الأوسط​” وهو يجسّد تالياً “فكرة معيّنة عن العالم والحضارة لا بدّ من الحفاظ عليها”.

وتابع “هذا بلد أعرفه بعض الشيء وهو عزيز على قلبي: المرة الأولى التي رأيت فيها ​ميناء​ بيروت كانت في عام 1985، كان الوقت ليلاً وكنت في ​زورق​ صغير سريع تابع للبحرية الوطنية وكانت الحرب لا تزال مستعرة في بلد ​الأرز​ .”

وفي 22 آب، اعلن أعلن سفير الكويت لدى لبنان عبد العال القناعي، أن بلاده ستعيد بناء إهراءات صوامع ​القمح​ بمرفأ بيروت. وقال السفير: “ارتأينا أن أفضل طريقة وأنسب مجال للبدء بالمساعدات المادية، هو إعادة بناء الإهراءات التي توفر المخزون الاستراتيجي من القمح للشعب اللبناني”.

وأوضح أن “الإهراءات كانت قد بُنيت أساساً في عام 1969 بقرض من ​الصندوق الكويتي للتنمية​”.

بعد مرور 3 أسابيع على الانفجار في مرفأ بيروت، هل من عروض جدية خارجية أو محلية لإعادة إعماره وسط تناقل المعلومات عن عرض صيني وآخر تركي وايضا فرنسي؟ ماهي الكلفة الحقيقية؟

مع الدولة المفلسة والمشرذمة هل ستكون الأولوية في التلزيم ل نظام بي- او- تي أم غير ذلك؟

من هي الجهة المخوّلة اليوم بالقانون لإتمام عملية التلزيم، سيما وأن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال؟

يلفت رئيس الغرفة الدولية للملاحة في مرفأ بيروت ايلي زخور إلى أن الانفجار الضخم الذي وقع في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت ، والذي كان يحتوي على حوالي 2700 طن من مادة الـNitrate d’ammonium الشديدة الانفجار، أدى الى تدمير القسم الغربي من المرفأ (المرفأ القديم) المخصص للتعامل واستقبال البواخر العادية (general cargo) و​الحبوب​ و​السيارات​، بينما اصيب القسم الشرقي من المرفأ الذي يضم محطة الحاويات المتطورة وتجهيزاتها الحديثة بأضرار صغيرة.

وإذ ليس هناك تقديرات من جهات رسمية للتكلفة الحقيقية لإعادة إعمار المرفأ القديم ، فيما أن الرئيس والمدير العام لمرفأ بيروت باسم القيسي قدر التكلفة الإجمالية ب 500 مليون دولار في حين ​ذهب​ البعض إلى أنها تتجاوز المليار دولار، يعتبر زخور ان هذه التكلفة تقدر بمئات الملايين من ​الدولار​. وكما هو معروفا ومعلوما من الجميع فأن الدولة شبه مفلسة بسبب تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشة فى البلاد من جهة ، وشح الأموال بشكل كامل في خزينتها من جهة ثانية، لذلك، فهي غير قادرة على تأمين التمويل المطلوب لاعادة بناء هذا القسم المدّمر من المرفأ.

ويقول لـ “الاقتصاد” في مطلق الأحوال، علينا أن ننتظر لحين تقدم عمليات رفع الركام وإزالة الأنقاض وتبلّور الصورة الحقيقية للدمار والخراب لمعرفة التكلفة التقريبية لإعادة إعمار المرفأ القديم المدمر.

لقد أكدت أن الحل الأفضل والأمثل لاعادة الإعمار هو باعتماد نظام ‘”B.O.T” حيث تقوم الجهة الفائزة بالطرح، اكانت دولة أو كونسورتيوم عربي او دولي أو لبناني، باعادة إعمار وتجهيز المرفأ من أموالها الذاتية، ومن ثم على الأشراف على إدارته وتشغيله لمدة محدودة، على أن يعاد المرفأ الى كنف الدولة بعد انتهاء مدة التشغيل.

ان هذا النظام معتمد في معظم الدول في العالم، وأثبت أنه الأفضل لأنه يتيح للدولة اقتسام الإيرادات مع الجهة المشغّلة للمرفا .

وعن حقيقة العروض الاجنبية المقدمة لأعادة الأعمار، يقول : لقد قرأنا في وسائل الإعلام أن كل من ​فرنسا​ و​تركيا​ و​الصين​ و​إيران​ قدم عروضا لاعادة ​اعمار​ المرفأ، ولكن تبقى هذه العروض حبرا على ورق حتى تاريخه.

من المبكر جدا طرح موضوع إعادة إعمار المرفأ القديم، لأن عمليات التنظيف ورفع الركام وإزالة الردم من القسم الغربي المدّمر ماتزال مستمرة، كما أنه لم تعرف او تحدد بعد التكلفة الحقيقية لاعادة الإعمار.

في مطلق الأحوال، من المتوقع أن يتم تشكيل حكومة جديدة قريبا وقبل طرح ​الدولة اللبنانية​ لنظام بي او تي لإعادة إعمار المرفأ القديم المدمربالتأكيد، إن مرفأ بيروت هو المرفق البحري الخدماتي الاهم في لبنان لأنه البوابة الرئيسية لتجارة لبنان مع العالم الخارجي .فعبر هذا المرفأ تمر أكثر من 70 بالمئة من مستوردات لبنان وصادراته، كما أن مرفأ بيروت يلعب دورا محوريا في شرق المتوسط بواسطة محطة الحاويات الموجودة في القسم الشرقي منه. وبالتالي، اصبح مرفأ بيروت مركزا مهما لحركة المسافة نحو مرافئ البلدان المجاورةويرى زخور أن الفضل الأكبر لاستئناف العمل في مرفأ بيروت بعد مرور فقط 8 أيام على الإنفجار يعود إلى التحرك الجماعي السريع لكافة السلطات والإدارات في المرفأ من جهة والأجهزة الأمنية والعسكرية المتواجدة في حرمه من جهة أخرى. فبفضل الجهود المشتركة والتعاون والتنسيق بين كافة هذه الأطراف تمكّن الفنيون في شركة

سباق المصالح

بمعزل عن الجدوى الإقتصادية الذي تنتظرها الدول والشركات الراغبة في إعادة تأهيل وتشغيل المرفأ، فإنه لا يمكن فك ارتباطها عن عوامل سياسيّة إستراتيجيّة لافتة.

يمثل مرفأ بيروت مركز نفوذ رئيسي على طول شاطىء البحر الأبيض المتوسّط، تزامنا مع التوسّع الملحوظ للشركات الصينيّة في هذا السياق، ومن هذا المنطلق، فإن العارضين سيأتون بكامل استعداداتهم لإطلاق الحركة التجارية وفتح مسار آفاق علاقات خارجية نأمل منها تحييد لبنان عن الصراعات التي اكتفى تسديد أثمانها مع اعطائه حقه من ​التبادل التجاري​ .

مصدررولى راشد - النشرة الاقتصادية
المادة السابقةموريتانيا تحصي أصولها المعدنية بحثا عن بوصلة جديدة
المقالة القادمةتأخّر الترميم قد يقضي على تراث بيروت