إعادة الودائع بعد الحرب؟

من يخطّط لليوم التالي للحرب، وبصرف النظر متى سيحلّ هذا اليوم، بعد أسبوع، شهر، سنة أو حتى أكثر، يأخذ في الاعتبار أن البلد سيفيق على مشكلة قائمة تنتظر الحلول منذ نهاية العام 2019، وقد باتت عالقة في نقطة وحيدة: مصير الودائع. وكل ما عدا ذلك، قد يكون مُسهّلاً، في حال انتقل الوضع إلى مشهد آخر مُتوقّع، تكون فيه الدولة مُكتملة السيادة، وبلا أي شريك مُضارب.

هذه المشكلة التي طغت على المشهد المالي والاقتصادي في السنوات الخمس الماضية، لا تزال عالقة عند نقطة الخطة التي يمكن أن يقبل بها المودعون، ويتجرأ السياسيون على إقرارها. وقبل أن تطغى الحرب على ما عداها من قضايا، كانت هناك خطة على وشك الولادة، في السراي.

وقد جرى تسريب مضمونها إلى العلن، لجسّ النبض، وجمع ردود الفعل حولها، لمعرفة احتمال قبولها. وقد تبيّن في حينه، وكما جرت العادة في كل الخطط التي طُرحت سابقاً، أنها لا تلقى القبول الشعبي والنوعي المطلوب لكي تمر. ولأن السياسيين أثبتوا انهم لا يمتلكون الجرأة على اتخاذ أي قرار في هذه المسألة، يمكن أن يعرّضهم لغضب شعبي، صارت الترجيحات تشير إلى انعدام حظوظ هذه الخطة، والتي نُسبت إلى كلٍ من نقولا نحاس وسمير ضاهر.

هل هذا يعني أن البلد في اليوم التالي للحرب، سيستفيق على أزمة مزمنة، ستعرقل خطط النهوض والانتعاش التي يخطّط لها، من يراهن على أن البلد سيكون في مكان آخر، لا يشبه المكان الذي كان فيه قبل الحرب.

ليس بالضرورة. إذ، في المقلب الآخر، يبدو أن مصرف لبنان باشر بإعادة درس خطة جديدة، بعدما اقتنع بأن خطة الحكومة لن تمر. الخطة الجديدة، تستند إلى المبدأ الذي سبق وأطلقه الحاكم بالإنابة وسيم منصوري، من خلال تصنيف الودائع بين الشرعي واللاشرعي. وفي المعطيات المتوفرة حتى الآن، أن هذا التصنيف سيستند إلى منطق الحل الأكثر عدالة، طالما أن الجميع باتوا يدركون أن لا حلول عادلة في المُطلق لأزمة الودائع.

هذه الخطة قد تكون جاهزة للطرح في اليوم التالي للحرب، لتواكب كل مشاريع النهوض التي يجرى الإعداد لها اليوم في كواليس المخططين. ولكن نقطة الضعف في هذا التصنيف، أنه يشمل التهرّب الضريبي، بما يعني أن غالبية المودعين قد يواجهون مشكلة في إثبات “شرعية” وديعتهم. ولكن تجاوز هذه العقدة قد يحصل من خلال تسويات تمنح المودع الذي توجد علامات استفهام حول وديعته لجهة تسديد الضرائب القانونية،قسماً من وديعته، من خلال اتفاق بالتراضي.

ومن يدري، قد تكون حظوظ المودعين في تحصيل نسبة مقبولة من حقوقهم بعد الحرب، أفضل ممّا كانت عليه قبل الحرب.

مصدرنداء الوطن - أنطوان فرح
المادة السابقةالتحويلات إلى لبنان زادت 20%
المقالة القادمة«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار