يطغى صوت المعركة في الجنوب على ما عداه من عناوين داخلية سياسية كانت أم اقتصادية أم مالية وغيرها، فيما لا تزال مسألة توحيد سعر صرف الدولار وتعديل سعر دولار الودائع، في مدار التجاذبات والتباينات بين المعنيين على مستوى الحكومة والمصارف من جهة وبين وزارة المال ومصرف لبنان المركزي من جهة أخرى.
وإذا كان مجلس الوزراء قد علّق النقاش بمشروع إعادة الإنتظام العام وهيكلة المصارف، بعد سحبه من جدول الأعمال بانتظار ملاحظات الوزراء عليه، فإن المشروع لم يغب عن الساحة المالية، في ضوء القراءات المتباينة والإتهامات الموجهة من المصارف كما من جمعيات المودعين، إلى حكومة تصريف الأعمال، بأنها تسعى لشطب ودائع اللبنانيين من خلال هيكلة القطاع المصرفي وتصنيف الودائع تمهيداً لشطبها في ظل استحالة استردادها.
وفي الوقت الذي تشدد فيه المصارف من خلال بياناتها ومواقف جمعيتها على أن تتحمل الدولة المسؤولية في ملف الودائع وذلك بالنسبة لتوزيع الخسائر وردّ الودائع لأصحابها، فإن المدافعين عن المشروع وهم قلّة، لا يزالون مصرين عليه وسط رهانٍ على العودة إلى صيغته الحالية وإقراره من دون أي تعديل.
وتكشف أوساط إقتصادية مطلعة عن أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ونائبه سعادة الشامي، الذي يدافع بقوة عن مشروع هيكلة المصارف، لم يستلما أي مراجعة أو موقف أو تعليق من قبل أي وزير قد اطلع على صيغته الحالية، فيما اقتصرت ردود الفعل المنتقدة له على جمعية المصارف بالدرجة الأولى. وتقول الأوساط الإقتصادية ل”ليبانون ديبايت”، إن ما يطرح من وعود حول استرداد الودائع وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي، لا يتوافق مع المسار الوارد في المشروع الحكومي، والذي يأتي بصيغة متجددة لكل المشاريع السابقة في هذا الإطار وذلك منذ العام 2020 إلى اليوم.
وبالتالي، تركز الأوساط الإقتصادية على أولوية أن يترافق هذا المشروع مع رزمة إصلاحات وخطوات وقرارات مالية، من أجل أن يتحقق هدف إعادة الإنتظام المالي تمهيداً لبدء المسار الجدي والعملي لإعادة الودائع.
وتخشى هذه الأوساط من أنه، وبعد مرور شهر على سحب مشروع هيكلة المصارف من جدول أعمال الحكومة، أن تبادر الحكومة إلى إقراره وإحالته إلى المجلس النيابي لكي يفتح النقاش على مصراعيه في اللجان النيابية المختصة تمهيداً لتمريره بالصيغة الحالية أو ترحيله مجدداً.