إقحام الجيش بأزمة أوجيرو: الموظّفون سيسلّمون مفاتيح السنترالات

صَعَّدَ وزير الاتصالات جوني القرم موقفه ضد موظّفي هيئة أوجيرو، الذين يواصلون إضرابهم المفتوح احتجاجاً على عدم دفع مستحقات مالية سابقة، وعدم تعديل رواتبهم لتتناسب مع غلاء الأسعار المتواصل (راجع المدن).
واللافت أن التصعيد أتى مدعوماً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. إذ قال القرم في حديث إذاعي، صباح اليوم الخميس 30 آذار، “تشاورت مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي صباحاً، وهو طلبَ مني تدخّل الجيش اللبناني، وأن نستلم قطاع “أوجيرو” كاملاً”.

تسليم المفاتيح

لم يستغرب موظّفو أوجيرو موقف وزير الوصاية، فهو “لم يتعامل مع القضية كما ينبغي، منذ اللحظة الأولى”. وبما أن الهدف النهائي لهذه السلطة هو خصخصة قطاعات الدولة، فالتصعيد ضد الموظفين يخدم ذلك الهدف.

على أن الجديد هو إقحام الجيش بعد الاستعانة بشركة خاصة هي شركة باور تيك Power tech وهي شركة تقدّم خدمات الصيانة لشركتيّ الخليوي، وتدور حولها علامات استفهام كثيرة، “وطلب القرم من الشركة تعبئة مولّدات السنترالات بالمازوت لتفادي انقطاع الكهرباء وتالياً الاتصالات والانترنت”، وفق ما تقوله مصادر من موظفي أوجيرو لـ”المدن”.

ويُتَرجِم الموظفون خطوة الوزير بأنها “جواب على كل تحرّك يقوم به موظّفو الدولة للمطالبة بحقوقهم. فالجواب حاضرٌ إذاً، وهو الاستعانة بالقطاع الخاص”. وتلفت المصادر النظر إلى أن هذا الموقف “نابع من قرار عام على مستوى السلطة السياسية وليس فقط من وزير الاتصالات وحده”.

لا مشكلة لدى الموظفين إن كان القرار بالخصخصة قد اتُّخِذ، يقولون. وبما أن الوزير يؤكّد امتلاكه البديل عن الموظفين، “فليأتِ ويستلم القطاع. إذ سيقوم الموظّفون قريباً بتسليم مفاتيح نحو 250 سنترالاً”.

الدفع بالدولار للشركات الخاصة

تمهيد الطريق نحو الخصخصة يُحَتِّم على الوزارة الدفع بالدولار للشركات، وهو ما يفترض أنها ستقوم به مع شركة باور تيك لقاء خدماتها. في وقتٍ لا تكترث فيه الوزارة ولا الحكومة لمستحقاتٍ لم تُدفَع بعد للموظفين بالليرة، رغم إقرار سلفة خزينة بقيمة 469 مليار ليرة، نهاية شهر شباط الماضي. “لكن وزير المالية يقول بعدم توفُّر المال للدفع”. كما أن “الوزارة لا تستعجل إصلاح مولّدات الكهرباء في سنترالات أوجيرو وشراء قطع الغيار لها، لكنها تستعجل الإستعانة بشركة خاصة وبالجيش للالتفاف على الموظفين”.

ذريعة عدم وجود الدولار لدى الوزارة “ساقطة” بالنسبة للموظفين. فبالإضافة إلى “وجود حساب بالدولار للوزارة في مصرف لبنان. يمكن للوزارة استيفاء أسعار الانترنت التي تُباع للشركات الخاصة بالدولار بدل استيفائها بالليرة كما هو حاصل اليوم. فحزمة الانترنت التي يُرمَز لها بـE1 تُباع بنحو 460 ألف ليرة، فيما تبيعها الشركات الخاصة للمواطنين بنحو 200 دولار، موزّعة على نحو 15 مشترك”.

حماية القطاع وضمان استمراريّته

بين حقوق الموظّفين وتصعيد الدولة الممثَّلة بوزاراتها، يقبع المواطنون بلا خدمات. والواقع الذي يشير إلى غياب المعطيات الإيجابية، يعني أن الخدمات ذاهبة نحو المزيد من التردّي، وهو ما بدأت تلحظه الشركات وتُنذِر عملائها من تداعياته، فترفع مسؤوليّتها عمّا يجري وتحيلها إلى إضراب الموظّفين (راجع المدن).

انقطاع خدمات الاتصال والإنترنت بات أقرب، ما لم تتدخَّل الدولة بالشكل المناسب. على أن التدخُّل لا يُنهي النقاش حول المسؤوليات ومصير القطاع. وفي هذا السياق، يلتقي الموظفون مع المدير العام لأوجيرو عماد كريدية، الذي وقف بدايةً ضدّ الإضراب وهدَّدَ برفع دعاوى قضائية ضد الموظّفين، ثم عاد وأيَّدَهم، واضعاً المسؤولية في عهدة “مَن أهمل القطاع وتركه ليصل إلى هذا الدرك”.

الحديث عن مصير القطاع وربطه بالمسار الذي كان سائداً قبل الانهيار الاقتصادي الحاصل، يشكّل بوابة لموظفي اوجيرو للتأكيد أن إضرابهم “ليس للمطالبة بالمستحقات المالية فقط، بل لمعرفة مصير هذا القطاع منع خصخصته. لأن الخصخصة تعني تدفيع المواطنين الثمن، وتفتح المجال أمام وضع تعرفات بالدولار غير محدَّدة، فتنفلت الأسعار وتصبح رقبة الناس بيد القطاع الخاص”.

ينتظر الموظّفون ما ستقرّره وزارة الاتصالات أو الحكومة مجتمعة. ويحذّرون من التصعيد المتمثّل باللجوء إلى شركات خاصة أو القوى الأمنية. خصوصاً وأن المسألة ليست وجود فراغ في مكان ما لتسدّه القوى الأمنية، بل إضراب محقّ لموظفين يريدون مستحقاتهم.

وفي ردٍّ على إقحام الجيش بالأزمة، أعلن المجلس التنفيذي لنقابة أوجيرو في بيان “ترحيبه بالجيش اللبناني، حامي الوطن والقلعة الصامدة المنيعة. وجميع المراكز والمكاتب هي بتصرّفه من المركز الرئيسي إلى آخر مركز على مساحة الوطن”. وأكّد “الاستمرار بالإضراب المفتوح والاستعداد لمتابعة التفاوض حينما تهدأ النفوس”.

أما عن التهويل بعزل لبنان عن العالم جرّاء الإضراب، فهو “بروباغندا إعلامية هدفها وضع الموظفين في مواجهة مع الناس”. والعزل لن يحصل “لأن لبنان يرتبط بالعالم عبر 5 سنترالات أساسية، ما زالت تعمل ولن يوقفها الموظفون، بل سيحافظون على استمرارية عملها”.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقة«النقد الدولي» يدعو لآليات عالمية أكثر كفاءة لمعالجة الديون
المقالة القادمةفي تمّوز… سيغلي الدولار في “الكوز”