لا يُمكن أن يمرّ كلام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أواخر الأسبوع الماضي عن إنتهاء عصر تثبيت سعر صرف الليرة مرور الكرام، ولو أنّه عاد وفي اليوم التالي ليبرّر كلامه… فبالأمس خرج الحاكم ليقول بالفمّ الملآن “عصر تثبيت سعرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار إنتهى ونتجه لسعر صرف معوّم يحدده السوق”، فماذا يعني هذا الكلام ولماذا أطلقه في هذا التوقيت؟.
عملياً يُدرك سلامة جيداً أن زمن دولار يوازي 1520 إنتهى إلا في دعمه لثلاثة سلع وفي بعض الخدمات كالهاتف وغيرها التي لازال المواطن يدفعها على السعر الرسمي، ولكن كلّ هذا في كفّة والواقع في كفّة أخرى، فحتى سعر صرف الدولار في المصارف أصبح على 3900 ليرة، وكلّ الباقي من البضائع وغيرها على سعر صرف السوق المتفلّت و”الفلتان”…
الاحتياطي يحدد!
“كمية الاحتياطي بالعملات الأجنبية الموجودة في مصرف لبنان هي التي تحدّد قدرته على التدخل لتثبيت سعر الصرف”. هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، لافتا الى أنه “وفي حال لم يعد لدينا إحتياطياً بالعملات الأجنبيّة فإنه لم يعد باستطاعة أحد أن يتدخل لتثبيت السعر”، مؤكّدا أن “لا أحد يعرف حقيقة الإحتياطي الموجود في مصرف لبنان”، معطياً مثالا: “منذ مدّة تحدث المعنيون عن 600 مليون دولار للدعم بعدها ارتفع المبلغ الى 2 مليار”، مشددا على أن “هناك اربعة عوامل لادخال العملات الاجنبية الى لبنان: الاستثمارات الخارجيّة المباشرة، تحاويل المغتربين الى المصارف، السياحة، التصدير”، مضيفاً: “هذه جميعها متوقفة ولا يمكن بسببها أن يرتفع المبلغ مليار و400 مليون دولار وبالتالي لا أحد يعرف موجودات المركزيالا سلامة”.
شروط صندوق النقد
بدوره الخبير الإقتصادي نسيب غبريل يرى أن “الإقتصاد لا يُمكن أن يعمل بظلّ تعدّد أسعار سعرف الصرف”، لافتا الى أننا “نتّجه الى اعادة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإذا توصّلنا الى إتفاق تمويلي فطبعاً صندوق النقد لا يحبّذ تثبيت سعر الصرف الليرة لا على سعر 1520 أو أيّ سعر آخر”، مضيفاً: “صندوق النقد يفضّل ألاّ يركّز مصرف لبنان على صرف الإحتياطي الموجود لديه لدعم الليرة”، معتبرا أنّ “هذا الامر لن يحدث قبل العودة الى المحادثات مع صندوق النقد الدولي والوصول الى اتفاق معه، القيام بالاصلاحات اللازمة، ضخّ السيولة في الاسواق من الخارج وتكوين احتياطي بالعملات الأجنبية في المركزي”.
بيع الذهب حل؟!
يعود الخبير أبو سليمان ليضيف: “اذا كان تحرير سعر الصرف مرتبطا بالاحتياطي الموجود في مصرف لبنان، والاحتياطي عبره يقوم بالدعم فعاجلاً أم آجلاً سنقوم برفع الدعم عن السلع الأساسية إذا لم يتم الإتفاق مع صندوق النقد الدولي”. في حين أن غبريل يشير الى أن “مصرف لبنان هو الوحيد من بين المصارف في العالم الذي يقوم بدعم السلع الاساسية، فإجمالاً الدعم يدخل من ضمن الموازنة العامة التي تموّل من خزينة الدولة”. أما أبو سليمان فيؤكد من جديد أن “لا سبيل لاستمرار الدعم بعد نفاذ الإحتياطي، إلا إذا قرّر سلامة بيع الذهب للإستمرار بسياسة الدعم”، معتبرا أنهم “لا يزالون يحصون الذهب وبحسب ما نسمع أن البعض منه موجود في لبنان والبعض الآخر في أميركا، ولكن الأكيد أنمسألة رفع الدعم ستكون خلال أشهر إذا إستمر الوضع على ما هو عليه اليوم”.
في المحصّلة رمى رياض سلامة “قنبلة جديدة” في وجه الجميع والإتّجاه لسعر صرف معوّم يحدّده السوق المحلّي، فهل يخرج “أرنباً” من جيبه ينقذ فيه الوضع الحالي أم أننا حتماً ذاهبون الى الإنهيار الكبير؟!.