تسود ترجيحات بين المحللين أن ترتفع كلفة تأجير ناقلات النفط، إذا نفذ تحالف أوبك+ تعهده بإنهاء خفض الإنتاج، بعدما شهدت تكاليف شحن النفط وأسهم شركات الناقلات ارتفاعاً كبيراً، في ظل تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران.
ويقول العديد من الخبراء إن من شأن تصاعد وتيرة الصراع أن يدفع بعض التجار في بعض أنحاء العالم إلى تأمين احتياجاتهم من الخام بشكل عاجل.
وكان ثمانية أعضاء في المجموعة؛ السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وسلطنة عُمان، قد اتفقت مطلع الشهر الماضي، على تمديد تخفيضاتها الطوعية الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً لمدة شهرين حتى نهاية نوفمبر.
وعقب ذلك سيتم إنهاء هذه التخفيضات تدريجيا على أساس شهري بدءا من مطلع ديسمبر المقبل. وأعاد بيان للتحالف أنذاك التأكيد على “المرونة في تعليق التعديلات مؤقتاً أو عكسها حسب الضرورة”.
وحسب مذكرة بحثية كبتها محللون لدى شركة جيفريز، قد ترتفع نسبة تشغيل ناقلات النفط إلى 90 في المئة العام المقبل إذا نفذ أوبك+ تعهده بإلغاء تخفيضات الإنتاج، وفق وكالة بلومبيرغ.
وستكون نسبة تشغيل ناقلات النفط أعلى من أي وقت مضى في تلك الفترة، ومن المتوقع أن ترتفع إيرادات الناقلات الكبيرة إلى حوالي 100 ألف دولار يوميا، بسبب زيادة الطلب على نقل الخام.
كما تتوقع جيفريز أنه بحلول عام 2027، سيحدث استخدام كميات كبيرة من مخزونات النفط، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في تكاليف نقل النفط.
وخلال الأسبوع الماضي، قفزت عائدات السفن من فئة أفراماكس، التي تُستخدم لنقل شحنات النفط الأميركية بحجم 700 ألف برميل إلى أوروبا، بنسبة 249 في المئة لتصل إلى نحو 58 ألف دولار يوميا، وفقاً لبورصة البلطيق في لندن.
وتُستخدم هذه السفن في الرحلات الدولية قصيرة المسافة نسبيا، ما يجعلها في كثير من الأحيان الخيار الأمثل لتلبية الطلب الفوري على النفط من المصافي.
وكتب محللو جيفريز في مذكرة أن “تقارير وسطاء الشحن عن نشاط كبير في ترتيبات استئجار السفن بقطاع الناقلات متوسطة الحجم من سوق الخليج الأميركي دفعت الأسعار للارتفاع”.
وأشاروا إلى أن التوترات في الشرق الأوسط تقوم بدور إلى حد ما في حجز الشحنات، ربما في وقتٍ أبكر من المعتاد.
وتضاعف التقييم العام لعوائد سفن أفراماكس في بورصة البلطيق الأسبوع الماضي ليصل إلى ما يزيد قليلا عن 42 ألف دولار يوميا.
وشهدت الناقلات من فئة سويس ماكس زيادة بنسبة 56 في المئة لتصل إلى 36 ألف دولار الأسبوع الماضي، أما ناقلات النفط الخام الكبيرة جداً، وهي أكبر فئة من السفن التي تنشر البورصة أسعارها، فحققت زيادة 10 في المئة.
وفي حين لم يؤد هجوم إيران على إسرائيل حتى الآن إلى أي تعطيل لتدفقات النفط، لكن سعر النفط ارتفع بنحو 8 في المئة الأسبوع الماضي، وهو أكبر ارتفاع منذ بداية عام 2023.
ودخلت إسرائيل وإيران، وكذلك وكلاء طهران في لبنان وغزة واليمن، في مواجهة على مدار العام الماضي، مما أثار مخاوف من صراع شامل قد يجر دولاً أخرى.
ويمثل الشرق الأوسط نحو ثلث إمدادات النفط الخام في العالم. وتضخ إيران نحو 3.3 مليون برميل من النفط الخام يوميا في الأشهر الأخيرة، مما يجعلها ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
وكتب محللون لدى كلاركسونز سيكيوريتيز بينهم فروود موروكيدال، في مذكرة بحثية أن “المالكين لناقلات النفط يضغطون على الأسعار وسط تزايد التوترات الجيوسياسية”.
وأضافوا إن “الزيادة تتماشى مع الارتفاع الموسمي المعتاد مع اقتراب فصل الشتاء مدعوما بسوق قوية تتميز بنمو محدود في العرض وازدياد المخاطر الجيوسياسية”.
وارتفعت أحجام التداول في صندوق النفط الأميركي، وهو أكبر وعاء متداول في البورصة يتتبع أسعار النفط الأسبوع الماضي، إلى أعلى مستوياتها منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 2022.
وبالمثل، سجلت عقود خام غرب تكساس الوسيط صغيرة الحجم ميكرو دبليو.تي.آي التابعة لمجموعة سي.أم.إي، والتي تُتداول في مواقع تداول المستثمرين الأفراد أكبر حجم تداول يومي منذ يناير الماضي.
وارتفعت المراكز المفتوحة في الخيارات الأسبوعية للشركة، والتي يستخدمها المتداولون للتحوط من المخاطر قصيرة المدى في الأسعار، إلى مستوى قياسي بلغ حوالي 80 ألف عقد.
وفي حين أن ذلك يجلب السيولة التي تشتد الحاجة إليها في سوق العقود الآجلة والتي قلصت دور اللاعبين من شركات التجارة، إلا أنه يهدد أيضاً بتغذية المزيد من التقلبات.
وتسبب “صائدو الفرص” من المتداولين – الذين يدخلون ويخرجون بسرعة من السوق خلال الأحداث العالمية الكبرى – في التأثير بشكل ملحوظ على أسعار النفط في السنوات الأخيرة.
وفي عام 2020، عندما هبطت الأسعار بسبب المخاوف بشأن الطلب، ساهم التوغل الهائل للمستثمرين الأفراد في السوق في انهيار سعر النفط الأميركي إلى ما دون الصفر لفترة وجيزة.
وقال جون لوف، الرئيس التنفيذي لشركة يو.أس.سي.أف انفستمنتس، التي تدير صندوق النفط الأميركي، إن القفزة في أحجام التداول على الصندوق “تزامنت مع تقلبات أعلى من المعتاد في أسعار النفط”.