في الوقت الذي يتخوف فيه اللبنانيون من تطور حرب غزة وامتداداتها الى الجنوب الى حرب شاملة تأكل الاخضر واليابس ،وفي الوقت الذي يعمد فيه اللبنانيون الى تخزين المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية والمحروقات والادوية ،وفي الوقت الذي يعيش فيه المواطن القلق والحيرة واليأس وفي الوقت الذي يداهم الاقتصاد الوطني الشلل والركود وغياب شبه كلي لاي عمل او مؤتمر او حدث ثقافي او فني في العاصمة بيروت ،نتفاجأ باتحاد المصارف العربية يقيم الملتقى السنوي لمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب في فندق الفينيسيا في بيروت بحضور حوالى ٥٠٠ شخص من القطاع المصرفي اللبناني والعربي تابعوا بحماس وشغف ما يتم تداوله حول تداعيات الاقتصاد النقدي على القطاع المصرفي، ليؤكد اتحاد المصارف العربية مدى التزامه بدعم القطاع المصرفي اللبناني ولادراكه بأن الخطر الذي يواجه لبنان بالنسبة لاحتمالية ادراجه على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (“فاتف”)، قد يكون له تداعيات لا تقلّ خطورة عن الاضطرابات الأمنية التي يشهدها لبنان اليوم”.
هذه المخاطرة التي قام بها اتحاد المصارف العربية تنم عن اصرار الاتحاد على اعتبار بيروت عاصمة المؤتمرات في المنطقة وكمركز اقتصادي ومالي محوري في المنطقة رغم ما يحدث حاليا من توترات امنية تنبىء بامكانية قيام حرب شاملة ،والتأكيد ان لبنان ما زال موطىء التشريعات المالية والمصرفية رغم ما تعتري هذه المقولة من شوائب وما تعرض له القطاع المصرفي من انتكاسات متتالية لم يتمكن لغاية الان من معالجتها.
يقول امين عام اتحاد المصارف العربية الدكتور وسام فتوح :لقد سعى الاتحاد في المؤتمرات الثلاثة السابقة، وفي هذا المنتدى كذلك، الى إيجاد منصات عالية المستوى لمناقشة التحديات التي يعيشها لبنان بشكل علمي ومنطقي، والى حشد الخبرات العربية واللبنانية للسعي الى طرح حلول علمية ومنطقية وقابلة للتطبيق بهدف الخروج من الازمة، ومنها الخطة الاصلاحية الاقتصادية والنقدية والمصرفية التي طرحها الاتحاد منذ ثلاث سنوات. أما في ما يتعلق بهذا الملتقى، فإننا أصرينا على عقده في موعده، رغم الاوضاع الامنية الخطيرة في جنوب لبنان والتي امتدت الى بعض المناطق الاخرى، وذلك لإدراكنا بأن الخطر الذي يواجه لبنان بالنسبة لاحتمالية ادراجه على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (“فاتف”)، قد يكون له تداعيات خطيرة “.
مشيرا الى “ان استمرار انعقاد هذا الملتقى في بيروت يعكس التزام الاتحاد الراسخ بدعم القطاع المصرفي في لبنان وتعزيز التعاون بين المصارف العربية في مواجهة القضايا المصيرية التي تمس أمننا الاقتصادي، وعلى رأسها مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
ويصر فتوح على اعتبار هذه المؤتمرات الاقتصادية والمالية في قلب بيروت هو للتأكيد ايضا على ايماننا بحماية لبنان ،نحن نحاول مع اصدقائنا وخصوصا مصرف لبنان وحاكمه بالانابة الدكتور وسيم منصوري وهيئة التحقيق الخاصة لمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب تجنيب لبنان الخطر القادم الينا في حال تقاعسنا عن تنفيذ ما تتطلبه مجموعة العمل المالي وهو احتمالية وضعه على اللائحة الرمادية لان خطره كبير جدا ليس فقط في ما يتعلق بسمعة لبنان بل احتمالية قطع العلاقات مع المصارف المراسلة وبالتالي قطع التحويلات المالية التي يحتاجها لبنان يوميا وقسم كبير من اللبنانيين يعيش من هذه التحويلات لا يتحمل لبنان قطع العلاقات مع المصارف المراسلة .
واضاف فتوح :نحن نرى الجهود الكبيرة التي يقوم بها مصرف لبنان والاتصالات والزيارات المكوكية للحاكم بالانابة في هذا الاطار ،ولكن مع الاسف هذا كله لا يكفي اذا لم تواكبه تشريعات قانونية من السلطات السياسية والتشريعية المفروض ان تقوم بواجباتها خصوصا القيام باصلاحات جدية لكي يتمكن لبنان من تطبيق مقررات مجموعة العمل المالي.
واعتبر فتوح ان اقامة هذا المؤتمر في بيروت وبهذه الظروف كانت صعبة ورغم ذلك نحجنا باقامته لانه بكل تواضع اتحاد المصارف العربية يتمتع بثقة كبيرة اضافة الى الاتصالات التي قمت بها مع المسؤولين في الدول العربية التي لبت الدعوة ولانهم يؤمنون ان لبنان سيبقى بخير والحرب ستنتهي عاجلا ام اجلا المهم تأمين الاستقرار السياسي وتنظيم العمل المؤسساتي في البلد .
الجدير ذكره انه عرض على امين عام الاتحاد الاستعاضة عن عقد هذه المؤتمرات خارج لبنان واختيار المكان المناسب لها لكنه اصر على عقد المؤتمرات المقررة في بيروت دون انتقالها الى مكان اخر لان الاتحاد يعمد منذ اوائل السنة الى توزيع مؤتمراته ومعارضه وورش اعماله على مختلف الدول العربية .