ارتفاع أسعار العقارات لا يعني أنّ هنالك عمليات عقارية ضخمة

صحيح أنّ الحرب الإسرائيلية حملت العديد من المآسي والجراحات والتدمير على العديد من المناطق اللبنانية، إلّا أنّها أنعشت السوق العقاري بشكلٍ أو بآخر. مؤخرًا، تم التحدث حول ارتفاع أسعار العقارات، بعد تشكيل الحكومة الجديدة وانتخاب جوزاف عون رئيسًا للجمهورية الجديدة.

وبحسب إحصاءات “الدولية للمعلومات”، أظهرت أرقام البيوعات العقارية ارتفاعًا في عدد المعاملات المسجلة في الدوائر العقارية من 12 ألفًا و125 معاملة عام 2023 إلى 26 ألفًا و430 معاملة عام 2024، بنسبة ارتفاع بلغت 120%. كما ارتفعت قيمة هذه البيوعات، وفقًا للقيم المُصرَّح عنها، من 626 مليون دولار إلى مليار و850 مليون دولار، وهو رقم قابل للارتفاع مع مطلع هذا العام.

لكن يبقى غياب القروض المصرفية عائقًا أساسيًا أمام الشباب اللبناني الطامح إلى السكن أو الاستثمار، والذي يعاني من انخفاض حاد في قدرته الشرائية نتيجة الأزمات المتتالية.

إقبال على شراء الأراضي الخاصة

وبحسب ما أكده نقيب خبراء التخمين العقاري، فوزي ضو، أن التحسن في السوق التأجيري في الوقت الراهن، والإقبال على شراء الأراضي الخاصة، أمر إيجابي جدًا، إلا أنّ هناك عوائق عديدة، أبرزها أنّ التجار هم من يحتكرون السوق العقاري، ولا يزال هامش الربحية ضئيلًا لتحفيزهم على الاستثمار.

وفي حديثه للدّيار، يلفت نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين وليد موسى، إلى أنّه “وبعد أن مرّ القطاع العقاري بالعديد من المراحل، ابتداءً من أزمة 2019 بعد أن هبطت الأسعار بنسبة 50%، اليوم بدأت ترتفع أسعار العقارات تدريجيًا، وطبعًا بشكلٍ متفاوتٍ بحسب المناطق. فبعضها تتمتّع بقدرة شرائية عالية مثل وسط بيروت، راس بيروت، الرملة البيضا، الأشرفية، سن الفيل، مار تقلا، فاريا، فقرا، بحر عمشيت- البترون، وفي هذه المناطق تحديدًا ارتفعت الأسعار عن الفترة السابقة 30% مقارنةً، بفارق تحسّن 20% عن العام 2019.

أما في المناطق التي لا تتغنّى بقدرة شرائية عالية، أي المتّكلة فقط على القروض السكنية التجارية ومؤسسة الإسكان، (والتي تشكّل 90% من السوق اللبناني) فلا تزال الأسعار تنخفض الى الـ 40% من الفترة السابقة، لأنّ قدرتها الشرائية انخفضت”.

العمليات العقارية تنحصر للأشخاص الميسورين

ويؤكّد موسى أنّه “حتى إذا ارتفعت أسعار العقارات، هذا لا يعني أنّ هنالك عمليات عقارية ضخمة. السعر والعمليات العقارية هما منفصلان بشكل كلّي عن بعضهما بعضًا. فالعمليات العقارية هي محدودة للأشخاص المُتكلة على النقدي لشراء العقار. وهم إمّا ميسورو الحال وإمّا مغتربون وبالتالي يشكّلون نسبة ضئيلة من مجتمعاتنا. لذلك، القطاع المصرفي هو أساس لإعادة إحياء القطاع العقاري ولا وجود لقطاع عقاري سليم من دون وجود قطاع مصرفي سليم. لأننا بحاجة الى قروض سكنية ليتمكن المواطن من شراء مسكن وتمويل للمشروع”.

وتابع: “الاستثمار العقاري يترافق من استقرار أمني وسياسي واقتصادي. لذلك نطالب بضرورة تأمين الاستقرار. والفوضى ممنوعة لأنه لم يعد باستطاعتنا تخويف المستثمرين في حالة أمنية غير مستقرة. ونطالب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف بالعمل على ضبط الأمن وكل مظهر يخوف المستثمر يؤدي إلى تهديد قطاعنا.

وعندما يؤمن الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، مع وجود خطط سكنية وإعادة هيكلة المصارف وإعادة تسديد العملة بشكل طبيعي، واقتصاد مُنتج، هذا الموضوع يؤدي إلى إعادة احياء الاقتصاد اللبناني، وإعادة الاستثمارات إلى السوق اللبناني ومنها السوق العقاري، وبالتالي إعادة تنشيط القطاع المصرفي.

مصدرالديار - مارينا عندس
المادة السابقةالأوروبيون يسعون للحاق بالأميركيين في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بالدفاع
المقالة القادمةوزير الطاقة: أرفض أن أعد بموعد للـ24/24 لكن لديّ خطة