استعادة اموال أصحاب المصارف: «الامتحان الحقيقي» لرياض سلامة

التحدّي الأساسي أمام مصرف لبنان، وباقي الجهات الرقابية، ليس التأكّد من زيادة رساميل المصارف بنسبة 20% أو تأمينها سيولة بـ3%، بل التزامها بشرط إعادة 30% من قيمة الأموال المُحوّلة من قبل أصحاب المصارف وكبار الموظفين والمُساهمين والأشخاص المُعرضين سياسياً. عدم الاستجابة يعني اعتراف أصحاب المصارف بإفلاسها، ويوجب الادعاء عليها بموجب قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب

تنصّ المادّة الثانية من التعميم أساسي الرقم 154 (إجراءات استثنائية لتفعيل عمل المصارف العاملة في لبنان) الصادر عن البنك المركزي، أنّ على المصارف «حثّ» عملائها الذين «قام أيّ منهم بتحويل ما يفوق 500 ألف دولار أميركي أو ما يوازيه بالعملات الأجنبية إلى الخارج من 1 تموز 2017 حتى تاريخ صدور هذا القرار (27 آب 2020)، على أن يودعوا في «حساب خاص» مُجمّد لمدّة خمس سنوات، مبلغاً يوازي 15% من القيمة المُحوّلة». كما أنّ على المصارف «حثّ» عملائها من المُستوردين أن يُحوّلوا من الخارج إلى «حساب خاص» مبلغاً يوازي 15% من قيمة الاعتمادات المُستندية «المفتوحة في أي من السنوات 2017، 2018 أو 2019». أما رؤساء وأعضاء مجالس إدارة وكبار مُساهمي المصارف والإدارات العُليا التنفيذية للمصارف والأشخاص المُعرضون سياسياً (PEPs)، «وذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة وبواسطة شركات يمتلكها أي منهم»، يُفترض «حثّهم» على إعادة مبلغ يوازي 30% من القيمة المُحوّلة بدلاً من 15%.

هذه المادّة هي «الامتحان الحقيقي» الذي يواجهه المجلس المركزي لمصرف لبنان، ولجنة الرقابة على المصارف، وهيئة التحقيق الخاصة، والهيئة المصرفية العليا، وهيئة الأسواق المالية. فكلّ هذه الهيئات الرقابية ستبدأ اليوم اجتماعاتها «المُكثّفة» لدراسة ملفات المصارف، للتحقيق في مدى التزامها بزيادة رساميلها بنسبة 20%، وضخّ الدولارات في حساباتها لدى المصارف المراسلة بنسبة 3% (للمصارف مُجتمعة)، واسترداد الأموال المُحوّلة إلى الخارج بين 2017 و2020.

كلّ المصارف أرسلت كُتباً إلى المودعين والمُستوردين «تحثّهم» فيها على تطبيق تعميم مصرف لبنان. «أقل من 1% كانت نسبة التجاوب. لا بل كنا ننصح المودعين، ولا سيّما التجّار، بعدم إعادة دولار واحد إلى القطاع المصرفي، خاصة إذا لم يكن ملفهم مشبوهاً.

استعادة 30% من قيمة الأموال المُحوّلة يُفترض بها أن «تُفيد» المصارف وتنتشلها قليلاً من غرقها. عدم استجابة مالكي المصارف، ومساهمتهم في إنقاذ مؤسساتهم، سيُعدّ إقراراً منهم بأنّ مصارفهم مُفلسة ولا أمل من ضخّ فلس واحد فيها.

مصدرجريدة الأخبار - ليا القزي
المادة السابقةتباطؤ نمو قطاع الخدمات الصيني في شباط
المقالة القادمةتخفيف مزيد من القيود اليوم… و«الفتح التدريجي» يُنسف تماماً!