اقتربت الخواتم السعيدة لموازنة 2019، فبعد جلسات كثيرة وماراتونية عقدت وسط اضرابات واعتصامات، سيسلك مشروع الموازنة طريقه الى البرلمان.
ليس التأخير في اقرار الموازنة امراً غريباً على الدوام، اذ أضحت “الموازنة العامة” في لبنان كحكايات “ألف ليلة وليلة”، فالحديث عن إقرارها دائماً ما يكون ضوءاً أخضر لإنطلاق الخلافات والمشاكسات الضخمة التي تؤدي في غالبية الأحيان إلى تأخير إقرارها أو حتى عدمه. كما سبق للموازنة ان غابت 12 عاماً متتالياً، وهو ما بدا امراً مثيراً للإستغراب اذ ان هذا الامر لا يمكن ان يحصل في دولة القانون.
لكن هذا لا يعني ان اقرارها ليس ذو نفعاً، فهي في البلدان العادية تشكل اداة اساسية في يد المواطن يستطيع من خلالها مراقبة برنامج الحكومة، وطريقة عملها لممارسة حقوقه الاساسية تجاه الدولة.
في هذا الاطار، اعتبر الخبير الاقتصادي د. غالب بومصلح ان “اقرار الموازنة في لبنان لا يغير الى حد كبير في الواقع الاقتصادي اذ كما لاحظنا ان النقاش يتم ضمن قضايا محاسبية عن الايرادات والنفقات، وعن الجهة التي ستتحمل الاعباء الضريبية الجديدة.
وشدد على ان “لبنان لا يعاني فقط من عجز في الموازنة، او في الحساب الجاري بل يعاني من انخفاض وتقلص كبير في نمو الناتج المحلي، ومن تفشي البطالة، وتراجع قطاعات الانتاج السلعي، وارتفاع مستويات الفساد”.
واعتبر انه “بدا واضحاً ان مجلس الوزراء يعالج مشاكل الموازنة، ولا يعالج المشكلات الاقتصادية الامر الذي يؤدي الى تفاقمها عاماً بعد عام”.
واعتبر ان تأخير الموازنة لن يحمل اضراراً اضافية فادحة على الاقتصاد، فعلى مر 12 عاماً متتالية سار لبنان دون موزانة، وكانت الجباية والانفاق يتمان خارج الاطار القانوني والرقابي”. واكد ان “ما تغير اليوم ان الدولة بحاجة الى اجراء اصلاحات بسبب حاجتها الى اموال مؤتمر سيدر، الا ان المشكلة تكمن في كيفية استخدام هذه الاموال، اذ انها تستخدم في الانفاق العادي وليس في سبيل بدء خطة تنموية”.
وفي رد على سؤال حول موازنة 2020، رأى ابو مصلح ان “في لبنان ليس هناك خطة اقتصادية اذ ان السلطة لا تملك اي رؤية اقتصادية، وحتى ما قامت به في اطار ماكنزي لا يعد خطة اقتصادية تعالج الهموم الاساسية، بل هي بمثابة برنامج للإنفاق”.
واشار الى انه “المطلوب اليوم بحث الهموم الاساسية في لبنان من تهرب ضريبي، واحتكار، ارتفاع معدلات الكلفة المعيشية، وخلق فرص عمل”.